الثالث: المفعول له
  المطلق على غيره؛ لأنه المفعول حقيقة.
  وحدّه ما ذكرت في المقدمة؛ وقد تبين منه أن هذا المفعول يفيد ثلاثة أمور:
  أحدها: التوكيد، كقولك: ضربت ضربا، وقول الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً}[النساء - ١٦٤] {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}[النساء - ٦٥] {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}[الأحزاب - ٥٦].
  الثاني: بيان النّوع، كقوله تعالى: {فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}[القمر، ٤٢]، وكقولك: جلست جلوس القاضي، وجلست جلوسا حسنا، و «رجع القهقرى»(١).
  الثالث: بيان العدد، كقولك: ضربت ضربتين، أو ضربات، وقول الله تعالى: {فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً}[الحاقة - ٤١].
  وقولي «الفضلة» احتراز من نحو قولك: ركوع زيد ركوع حسن، أو طويل، فإنه يفيد بيان النوع، ولكنه ليس بفضلة.
  وقولي: «المؤكد لعامله» مخرج لنحو قولك: كرهت الفجور الفجور، فإن الثاني مصدر فضلة مفيد للتوكيد، ولكن المؤكّد ليس العامل في المؤكّد.
  ثم قلت: الثالث المفعول له، وهو المصدر الفضلة المعلّل لحدث شاركه في الزّمان والفاعل، ك «قمت إجلالا لك»، ويجوز فيه أن يجرّ بحرف التّعليل، ويجب في معلّل فقد شرطا أن يجرّ باللام أو نائبها.
  وأقول: الثالث من المنصوبات: المفعول له، ويسمى المفعول لأجله، والمفعول من أجله.
  وهو: ما اجتمع فيه أربعة أمور؛ أحدها: أن يكون مصدرا، والثاني: أن يكون مذكورا للتعليل، والثالث: أن يكون المعلّل به حدثا مشاركا له في الزمان، والرابع: أن يكون مشاركا له في الفاعل.
(١) من هذه الأمثلة يتبين أن المصدر المبين لنوع عامله: إما أن يكون مضافا كالآية الكريمة والمثال الأول، وإما أن يكون موصوفا كالمثال الثاني، وإما أن يكون هو نفسه نوعا من جنس ما يدل عليه العامل كالمثال الثالث، وكقولهم: قعد القرفصاء، وسار الخبب.