شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثالث: كي التعليلية

صفحة 318 - الجزء 1

  وأما «كي» ففي نحو: «جئتك كي تكرمني» إذا قدّرتها تعليلية بمنزلة اللام، والتقدير: جئتك كي أن تكرمني، ولا يجوز التصريح بأن بعدها إلا في الشعر، خلافا للكوفيين. وقد مضى ذلك.

  وأما حروف العطف فأربعة، وهي: أو، والواو، والفاء، وثم.

  وهذه الأربعة منها ما لا يجوز معه الإظهار، وهو أو، ومنها ما لا يجب معه الإضمار⁣(⁣١)، وهو ثم، ومنها ما تارة يجب معه الإضمار وتارة يجوز معه الإضمار والإظهار، وهو الفاء والواو، وهذا كله يفهم مما ذكرت في المقدمة⁣(⁣٢).

  فأما «أو» فينتصب المضارع بأن مضمرة بعدها وجوبا، إذا صح في موضعها إلى أو إلّا؛ فالأول كقولك: «لألزمنك أو تقضيني حقي» وقوله:

  ١٤٦ - لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى ... فما انقادت الآمال إلا لصابر

  والثاني كقولك: «لأقتلنّ الكافر أو يسلم» وقوله:


١٤٦ - هذا بيت من الطويل، ولم أجد أحدا من العلماء نسب هذا البيت إلى قائل معين، وقد استشهد به المؤلف في أوضحه (رقم ٤٩٧) وفي القطر (رقم ١٦) وابن عقيل (رقم ٢١٨).

اللّغة: «لأستسهلن» استسهال الشيء: أن تعده سهلا، «الصعب» الذي يعسر عليك أن تدركه، وهو ضد السهل، «المنى» جمع منية - بضم فسكون، مثل مدية ومدى - والمنية: اسم لما يتمناه الإنسان، «انقادت» انقياد الآمال: حصولها، فكأنها خضعت وذلت لطالبها وآملها، «لصابر» اسم فاعل من الصبر، وهو حبس النفس على المكاره.

الإعراب: «لأستسهلن» اللام واقعة في جواب قسم مقدر، أستسهل: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، ونون التوكيد حرف لا محل له، «الصعب» مفعول به، «أو» حرف بمعنى إلى، «أدرك» فعل


(١) أي: بل يجوز معه إظهار أن ويجوز إضمارها.

(٢) يجب الإضمار إذا كانت الفاء للسببية والواو للمعية في أحد الأجوبة الثمانية التي سيذكرها، ويجوز الإضمار والإظهار إذا كان كل من الفاء والواو للعطف على اسم خالص وسيذكره، وإذا حققت وجدت «أو» كالفاء والواو لها حالتان: حالة يجب فيها الإضمار، وذلك إذا كانت بمعنى إلى أو إلا، وحالة يجوز فيها الإضمار والإظهار، وذلك إذا كانت للعطف على اسم خالص، وعبارة المصنف في المتن تنادي بذلك.