الثالث: ما يتعدى بنفسه دائما إلى واحد
  وآخرا بمحذوف وهو الكون [المطلق]، أو متعلق بالفعل المذكور على أنه مفعول لأجله، والكلام في المفعول به.
  الثانية: أن يدل على حدوث صفة حسيّة، نحو: طال الليل، وقصر النهار، وخلق الثوب، ونظف، وطهر، ونجس، واحترزت بالحسّية من نحو علم وفهم وفرح، ألا ترى أن الأول منها متعدّ لاثنين، والثاني لواحد بنفسه، والثالث لواحد بالحرف، تقول: علمت زيدا فاضلا، وفهمت المسألة، وفرحت بزيد.
  الثالثة: أن يكون على وزن فعل - بالضم - كظرف وشرف وكرم ولؤم، وأما قولهم: «رحبتكم الطّاعة»(١) و «طلع اليمن» فضمّنا معنى وسع وبلغ.
  الرابعة: أن يكون على وزن انفعل، نحو: انكسر، وانصرف.
  الخامسة: أن يدلّ على عرض، كمرض زيد، وفرح، وأشر، وبطر.
  السادسة والسابعة: أن يكون على وزن فعل أو فعل اللذين وصفهما على فعيل، كذلّ فهو ذليل، وسمن فهو سمين، ويدل على أن ذلّ فعل بالفتح قولهم يذلّ بالكسر، وقلت «في نحو ذلّ» احترازا من نحو بخل فإنه يتعدى بالجار، تقول: بخل بكذا.
  النوع الثاني: ما يتعدى إلى واحد دائما بالجار، ك «غضبت من زيد» و «مررت به» أو عليه».
  فإن قلت: وكذلك تقول فيما تقدم: ذلّ بالضّرب، وسمن بكذا.
  قلت: المجروران مفعول لأجله، لا مفعول به(٢).
  الثالث: ما يتعدى لواحد بنفسه دائما، كأفعال الحواس، نحو: «رأيت الهلال»
(١) يروى أن نصر بن سيار - وكان أمير خراسان في الدولة الأموية، وكانت إقامته بمرو، وهو عربي الأصل؛ لأنه من بني ربيعة بن عامر بن هلال بن عوف - قال: أرحبكم الدخول في طاعة ابن الكرماني: أي أوسعكم فعدى رحب - بضم الحاء - وليست متعدية عند النحاة، واعتذر جماعة عن ذلك منهم الأزهري بأن نصر بن سيار ليس بحجة، وهي معذرة لا تقوم على سند؛ لأن نصرا عربي كما قلنا، وكان يعيش في العصر الذي يحتج بكلام أهله من العرب، وقال الفارسي: إنما عداه لأنه بمعنى فعل يتعدى وهو وسع، وهذه لغة هذيل.
(٢) حاصل هذا الاعتراض كالذي ذكرناه في الاعتراض على النوع الأول، وحاصل الجواب عليه كالوجه الثاني من وجهي الجواب على الاعتراض السابق، والخلاصة أن المراد بالمفعول: الذي يقع عليه فعل الفاعل، وسواء أكان وقوعه عليه مباشرة أم بواسطة حرف الجر، فلا يدخل فيه ما يتعدى إليه الفعل لكونه سببا وعلة لحدوث هذا الفعل، بل هذا داخل في المفعول لأجله.