شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الخامس: أن عاملهما لا تلحقه علامة تثنية ولا جمع

صفحة 206 - الجزء 1

  أحد إلا هند» فالفاعل في الحقيقة مذكر، ويجوز التأنيث باعتبار ظاهر اللفظ، كقوله:

  ٨٠ - ما برئت من ريبة وذمّ ... في حربنا إلّا بنات العمّ

  والدليل على جوازه في النثر قراءة بعضهم «إن كانت إلّا صيحة واحدة» [يس - ٢٩] برفع (صيحة) وقراءة جماعة السلف «فأصبحوا لا ترى إلّا مساكنهم» [الأحقاف، ٣٥] ببناء الفعل لما لم يسمّ فاعله، وبجعل حرف المضارعة التاء المثناة من فوق.

  وزعم الأخفش أن التأنيث لا يجوز إلا في الشعر، وهو محجوج بما ذكرنا.

  الحكم الخامس: إن عاملهما لا تلحقه علامة تثنية ولا جمع، في الأمر الغالب، بل تقول: قام أخواك، وقام إخوتك، وقام نسوتك، كما تقول: قام أخوك، ومن العرب من يلحق علامات دالة على ذلك، كما يلحق الجميع علامة دالة على التأنيث، كقوله:


٨٠ - هذا بيت من الرجز أو بيتان من مشطوره، ولم أقف له على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده المؤلف في أوضحه في باب الفاعل (٢١٤) والأشموني كذلك (رقم ٣٦٦).

اللّغة: «برئت» خلت، «ريبة» أصل الريبة الشك، «ذم» ما تعاب به.

الإعراب: «ما» نافية، «برئت» برئ: فعل ماض، والتاء حرف دال على التأنيث، «من ريبة» جار ومجرور متعلق ببرئ «وذم» معطوف على ريبة، «في حربنا» الجار والمجرور متعلق ببرئ أيضا، وحرب مضاف والضمير مضاف إليه، «إلا» أداة حصر، «بنات» فاعل برئ، وهو مضاف و «العم» مضاف إليه.

الشّاهد فيه: قوله «ما برئت إلا بنات العم»، حيث وصل الفعل بتاء التأنيث، مع كونه مفصولا عن فاعله بإلا، ودخول التاء في هذه الحال مرجوح، على ما ذكره المؤلف تبعا لابن مالك، وحكى ابن عقيل أن الجمهور لا يجيزون التأنيث في هذه الحال كما حكى المؤلف عن الأخفش أن التأنيث لا يجوز في غير ضرورة الشعر، ولكن الذي تنصره الأدلة هو ما ذكر المؤلف، ومن شواهد ذلك قول ذي الرمة:

طوى النّحز والأجراز ما في غروضها ... وما بقيت إلّا الضّلوع الجراشع