شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

وأما لكن فيجب إلغاؤها

صفحة 308 - الجزء 1

  أو لم، نحو: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}⁣[يونس - ٢٤].

  وإن كان الحرف «لكن» وجب إلغاؤها، نحو: «ولكن الله قتلهم» [الأنفال، ١٧] فيمن قرأ بتخفيف النون، وعن يونس والأخفش إجازة إعمالها، وليس بمسموع، ولا يقتضيه القياس؛ لزوال اختصاصها بالجمل الاسمية، نحو: {وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}⁣[البقرة - ٥٧].

  النوع الرابع عشر: اسم «لا» النافية للجنس، وهو ضربان: معرب، ومبني.

  فالمعرب ما كان مضافا نحو: «لا غلام سفر عندنا» أو شبيها بالمضاف، وهو: ما اتّصل به شيء من تمامه: إما مرفوع به نحو: «لا حسنا وجهه مذموم» أو منصوب به نحو: «لا مفيضا خيره مكروه» و «لا طالعا جبلا حاضر» أو مخفوض بخافض متعلق به نحو: «لا خيرا من زيد عندنا».

  والمبنيّ ما عدا ذلك، وحكمه أن يبنى على ما ينصب به لو كان معربا، وقد تقدم ذلك مشروحا في باب البناء⁣(⁣١).


إليه، «فمحذورها» الفاء حرف دال على السببية، محذور: مبتدأ، وهو مضاف وضمير الغائبة العائد إلى الحرب مضاف إليه، «كأن» حرف تشبيه ونصب، مخفف من المثقل، واسمه ضمير شأن محذوف، «قد» حرف تحقيق، «ألمّا» ألمّ: فعل ماض، والألف حرف دال على الإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى محذور، والجملة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر كأن، وجملة كأن واسمه وخبره في محل رفع خبر المبتدأ.

الشّاهد فيه: قوله «كأن قد ألمّا» حيث استعمل فيه كأن المخفف من الثقيل، وأعمله في اسم هو ضمير الشأن، وفي خبر هو جملة «ألمّا» مع فاعله؛ ولما كانت هذه الجملة الواقعة خبرا لكأن جملة فعلية غير مراد بها النفي فصل بينها وبين كأن بقد.

ومثل هذا البيت قول النابغة الذبياني:

أفد التّرحّل غير أنّ ركابنا ... لما تزل برحالنا، وكأن قد

إلا أنه حذف الفعل الذي هو مدخول قد لدلالة ما قبله عليه. وأصل الكلام: وكأن قد زالت.


(١) ارجع إلى ذلك في ص ١١٥ وما بعدها من هذا الكتاب.