شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

السادس: الأفعال الخمسة

صفحة 90 - الجزء 1

  ثم قلت: السّادس يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين؛ فإنها ترفع بثبوت النّون، وتنصب وتجزم بحذفها، وأمّا نحو {تُحاجُّونِّي} فالمحذوف نون الوقاية، وأمّا {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} فالواو أصل، والفعل مبنيّ، بخلاف {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى}

  وأقول: الباب السادس مما خرج عن الأصل: الأمثلة الخمسة، وهي: كل فعل


الإعراب: «ليس» فعل ماض ناقص، «دين» اسم ليس، وهو مضاف و «الله» مضاف إليه، «بالمعضى» الباء حرف جر زائد، المعضى: خبر ليس.

الشّاهد فيه: قوله «المعضى» فإن هذه الكلمة اسم مفعول من معتل اللام المضعف الوسط، مثل زكى ووفى وأدى، واسم المفعول منها مزكى وموفى ومؤدى - بضم الميم في الثلاثة وفتح ما بعدها وتشديد الحرف الثالث - ومعنى المعضى المجزأ المفرق، تقول: عضيت الذبيحة، إذا قطعتها أجزاء عدة، وفصلت كل جزء منها عن أخواته، والأصل في ذلك كله العضو الذي هو واحد الأعضاء، والمؤلف يريد أن يقول: «عضة» بكسر العين وفتح الضاد التي هي مفرد «عضين» في نحو قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} مأخوذة من التعضية؛ لأن المعنى فيهما واحد؛ ألا ترى أن ابن عباس ® فسر هذه الآية بقوله: «أي جزؤوا القرآن أجزاء» وعلى هذا يكون أصلها عضو، فحذفوا الواو، ثم عوضوا منها الهاء، وهذا أحد مذهبين للعلماء في هذه الكلمة، والمذهب الثاني أشار إليه المؤلف، وحاصله أن عضة مأخوذة من العضه وهو السحر، والكهانة أو البهتان والإفك بدليل جمع عضة على عضاه مثل شفاه، وبدليل تصغيرها على عضيهة، ومن المعلوم أن الجمع والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها، وقد أشبعنا القول في بيان المذاهب في هذه الكلمة وبيان أدلتها في كتابتنا على الأشموني، وهذه اللمحة دالة فلا داعى للإطالة بسردها.


= اللغة الرابعة: أن تلزمه الواو ثم تعربه إعراب الاسم الذي لا ينصرف بضم النون في حال الرفع وفتحها في حالتي النصب والجر من غير تنوين، وعللوا منع صرفه بوجود العلمية وشبه العجمة.

اللغة الخامسة: أن تلزمه الواو، وتلتزم فتح النون في الأحوال الثلاثة الرفع والجر والنصب، ويكون الإعراب حينئذ بحركات مقدرة على الواو، والنون عوض عن التنوين وعلى هذا يصح أن يكون ما التزموا فيه الواو كابن زيدون وابن عمرون وابن حمدون جاريا على إحدى اللغات الثالثة والرابعة والخامسة، وما التزموا فيه الياء كابن سبعين جاريا على اللغة الثانية.

ومما نحب أن ننبهك إليه أن هذه اللغات الخمس مترتبة في القوة على الترتيب الذي حكيناه، فالأولى أعلاها، ثم الثانية، ثم الثالثة، وهلم جرّا.