الحرف ما لا يقبل شيئا من علامات الاسم، ولا شيئا من علامات الفعل
  أصله: لميّة طلل موحش، وعلى هذا فالخبر الجارّ والمجرور(١)، والظاهر الأول، وعليه العمل؛ ففي الآية دليل على جواز الفصل بين كان ومعموليها بمعمول معمولها، إذا كان ذلك المعمول ظرفا أو جارّا ومجرورا، نحو «كان في الدّار زيد جالسا» و «كان عندك عمرو جالسا» وهذا مما لا خلاف فيه.
  ثم قلت: والحرف ما عدا ذلك، كهل وفي ولم.
  وأقول: يعرف الحرف بأن لا يقبل شيئا من العلامات المذكورة للاسم والفعل، وهو على ثلاثة أنواع:
  (١) ما يدخل على الأسماء والأفعال، كهل، مثال دخولها على الاسم قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ}[الأنبياء، ٨]، ومثال دخولها على الفعل قوله تعالى: {وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ}[ص - ٢١].
  (٢) وما يختص بالأسماء ك «في»، في قوله تعالى: {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ}[الذاريات - ٢٢].
  (٣) وما يختص بالأفعال كلم في قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}[الصمد - ٣].
  ثم اعلم أن المنفي بها تارة يكون انتفاؤه منقطعا، وتارة يكون متصلا بالحال، وتارة يكون مستمرا أبدا؛ فالأول نحو قوله تعالى: {لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً}[الإنسان، ١]، أي: ثم كان بعد ذلك، والثاني نحو: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}[مريم، ٤]، والثالث نحو: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ٤}[الصمد: ٣ - ٤].
  وهنا تنبيه، وهو أن القاعدة أن الواو إذا وقعت بين ياء مفتوحة وكسرة حذفت،
ولكن السبب في ذكر هذا البيت أنه من شواهد سيبويه، وهو يجيز مجيء الحال من المبتدأ، فالعلماء تناقلوا البيت من غير أن يفطنوا لهذه الملاحظة.
(١) هذا الكلام في الآية الكريمة، وتلخيصه أن قوله سبحانه، «أحد» اسم يكن، وخبرها إما أن يكون هو الجار والمجرور الذي هو «له» وعلى هذا الوجه يكون «كفوا» حالا من أحد، وإما أن يكون خبر يكن هو «كفوا» وعلى هذا يكون الجار والمجرور متعلقا بقوله «كفوا».