شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

تغير صيغة الفعل عند الإسناد لنائب الفاعل

صفحة 191 - الجزء 1

  أو الظّرف نحو «صيم رمضان» و «جلس أمامك» أو المجرور نحو {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ومنه {وَلا يُؤْخَذُ مِنْها}⁣[البقرة - ٤٨].

  وأقول: الثاني من المرفوعات: نائب الفاعل، وهو الذي يعبرون عنه بمفعول ما لم يسمّ فاعله، والعبارة الأولى أولى لوجهين؛ أحدهما: أن النائب عن الفاعل يكون مفعولا وغيره، كما سيأتي، والثاني: أن المنصوب في قولك: «أعطي زيد دينارا» يصدق عليه أنه مفعول للفعل الذي لم يسمّ فاعله، وليس مقصودا لهم، ومعنى قولي «أقيم هو مقامه» أنه أقيم مقامه في إسناد الفعل إليه.

  ولما فرغت من حدّه شرعت في بيان ما يعمل بعد حذف الفاعل؛ فذكرت أن الفعل يجب تغييره إلى فعل أو يفعل، ولا أريد بذلك هذين الوزنين؛ فإن ذلك لا يتأتّى إلا في الفعل الثلاثي، وإنما أريد أنه يضمّ أوّله مطلقا، ويكسر ما قبل آخره في الماضي، ويفتح في المضارع، ثم بعد ذلك يقام المفعول به مقام الفاعل؛ فيعطى أحكامه كلها؛ فيصير مرفوعا بعد أن كان منصوبا، وعمدة بعد أن كان فضلة، وواجب التأخير عن الفعل بعد أن كان جائز التقديم عليه.

  والمفعول به عند المحققين مقدّم في النيابة على غيره وجوبا؛ لأنه قد يكون فاعلا في المعنى كقولك «أعطيت زيدا دينارا» ألا ترى أنه آخذ؟ وأوضح من هذا «ضارب زيد عمرا» لأن الفعل صادر من زيد وعمرو؛ فقد اشتركا في إيجاد الفعل، حتى إن


= الأول: أن يكون الفاعل معلوما لكل أحد بحيث لا يحتاج المتكلم لذكره، ومن أمثله قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ.}

والثاني: أن يكون المتكلم غير عالم بالفاعل، نحو قولك «سرق متاعي» وأنت لا تعلم السارق.

الثالث: أن يرغب المتكلم في الإبهام على السامع، نحو قولك «صنع مع زيد جميل» إذا كنت تعرف صانع الجميل ولكنك رغبت في الإبهام على السامع.

الرابع: أن يقصد المتكلم تعظيم الفاعل بصون اسمه عن أن يجري على لسانه أو عن أن يقترن في الكلام بالمفعول، نحو قولك «خلق الخنزير».

الخامس: أن يقصد المتكلم تحقير الفاعل بأن لا يجري اسمه على لسانه.

السادس: خوف المتكلم على الفاعل أن يناله أحد بمكروه.

السابع: خوف المتكلم من الفاعل أن يناله بأذى، وذلك إذا كان جبارا لا يسلم الناس من شروره.