شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

تكسر همزة إن في تسع مسائل

صفحة 232 - الجزء 1

  ولا على أسمائهن؛ فإن الحروف محمولة في الإعمال على الأفعال، فلكونها فرعا في العمل لا يليق التوسّع في معمولاتها بالتقديم والتأخير، اللهم إلا إن كان الخبر ظرفا أو جارّا ومجرورا، فيجوز توسّطه بينها وبين أسمائها، كقوله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً}⁣[المزمل - ١٢] {إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى}⁣[النازعات، ٢٦] وفي الحديث «إن في الصّلاة لشغلا» و «إنّ من الشّعر لحكما» ويروى «لحكمة» فأما تقديمه عليها فلا سبيل إلى جوازه، لا تقول: في الدار إن زيدا.

  ثم قلت: وتكسر «إنّ» في الابتداء، وفي أوّل الصّلة والصّفة والجملة الحاليّة، والمضاف إليها ما يختصّ بالجمل، والمحكيّة بالقول، وجواب القسم، والمخبر بها عن اسم عين، وقبل اللّام المعلّقة، وتكسر أو تفتح بعد «إذا» الفجائية والفاء الجزائيّة، وفي نحو: «أوّل قولي أنّي أحمد الله» وتفتح في الباقي.

  وأقول: لإنّ ثلاث حالات، وجوب الكسر، ووجوب الفتح، وجواز الأمرين:

  فيجب الكسر في تسع مسائل:

  إحداها: في ابتداء الكلام؛ نحو: {إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ}⁣[الكوثر - ١] {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}⁣[القدر - ١].

  الثانية: أن تقع في أول الصلة، كقوله تعالى: {وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ}⁣[القصص، ٧٦] (ما) مفعول ثان لآتيناه، وهي موصول بمعنى الذي، و (إنّ) وما


جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لحرف جر، «يجرني» يجر: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حرف جر، والنون للوقاية، والياء مفعول به، والجملة من الفعل المضارع وفاعله ومفعوله في محل نصب خبر عسى، وكان الأوفق أن يقرن المضارع بأن المصدرية، «إليك» جار ومجرور متعلق بيجر، «فإني» الفاء للتعليل، وإن: حرف توكيد ونصب، وياء المتكلم اسمه، «من وصالك» جار ومجرور متعلق بمعدم الآتي، «معدما» خبر إن، وقد جاء به على لغة من ينصب بها الاسم والخبر جميعا، كقوله* إن حراسنا أسدا* وهي لغة مهجورة فتنبه.

سبب ذكرهما: ذكر المؤلف هذين البيتين استملاحا لمعناهما، ولأن صاحبهما قرر القاعدة النحوية في أسلوب ظريف؛ وهي أن الخبر في باب «إن» لا يتقدم أصلا، ولا يتوسط إلا إن كان جارّا ومجرورا.