شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الرابع: المثنى

صفحة 71 - الجزء 1

  حروف الجر الزائدة، و (باسط) خبر «ما» فيكون في موضع نصب، أو خبر المبتدأ فيكون في موضع رفع، والجملة جواب القسم؛ فلا محلّ لها من الإعراب، وهي دالة على جواب الشرط المحذوف، والتقدير: والله ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إن بسطت إليّ يدك لتقتلني فما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك.

  وأما الآية الثالثة: فواضحة، والضّغث: قبضة من حشيش مختلطة الرّطب باليابس.

  ثم قلت: الرّابع المثنّى، كالزّيدان والهندان، فإنّه يرفع بالألف، ويجرّ وينصب بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها.

  وأقول: الباب الرابع مما خرج عن الأصل: المثنى، وهو، كلّ اسم دال على اثنين، وكان اختصارا للمتعاطفين، وذلك نحو: الزيدان والهندان؛ إذ كل منهما دال على اثنين، والأصل فيهما: زيد وزيد، وهند وهند، كما قال الحجاج: «إنا لله، محمّد ومحمد في يوم»⁣(⁣١) ولكنهم عدلوا عن ذلك كراهية [منهم] للتطويل والتكرار⁣(⁣٢).

  وحكم هذا الباب: أن يرفع بالألف نيابة عن الضمة، وأن يجر وينصب بالياء


(١) ومثل ذلك قول الراجز:

ليث وليث في مقام ضنك ... كلاهما ذو أشر ومحك

(٢) يشترط في كل اسم يراد تثنيته ثمانية شروط:

الشرط الأول: أن يكون معربا، سواء أكان مذكرا كزيد وعمرو أم كان مؤنثا كهند وفاطمة، وسواء أكان علما كهذه الأمثلة التي ذكرناها أم كان نكرة كرجل وامرأة، إلا أن العلم لا يثنى إلا بعد قصد تنكيره على ما نبينه لك في الشرط الثالث، وسواء أكان مسماه عاقلا كما ذكرنا من الأمثلة أم كان مسماه غير عاقل كحمار وفرس وأتان.

فلو كان المفرد مبنيّا لم تجز تثنيته، فلا يجوز لك أن تثني «من» ولا «كم» ولا غيرهما من المبنيات، فأما قولهم في الحكاية «منان» و «منتان» فإن هذه الألف والنون ليستا لتثنية من، وإنما هما لحكاية ما ورد في كلام المتكلم الأول، وأما قولهم «هذان، وهذين، وهاتان، وهاتين» من أسماء الإشارة، وقولهم «اللذان، واللذين، واللتان، واللتين» من الأسماء الموصولة فإن هذه الألفاظ عند المحققين من النحاة ليست مثنيات، ولكنها صيغ وردت عن العرب على هذه الصور للدلالة على الاثنين أو الاثنتين.

الشرط الثاني: أن يكون مفردا، أي غير مثنى ولا مجموع، فإن كان الاسم مثنى أو مجموعا جمع مذكر سالما أو جمع مؤنث سالما لم تجز تثنيته، وكذلك إن كان جمع تكسير على صيغة منتهى الجموع كمساجد =