الثاني: ما ألحق بهذه الظروف من نحو «ليس غير»
  ولا تستعمل «عل» مضافة أصلا، ووقع ذلك في كلام الجوهري، وهو سهو، ولو أردت بعل علوّا مجهولا غير معروف تعيّن الإعراب، كقوله:
  ٥٠ - * كجلمود صخر حطّه السّيل من عل*
  أي: من مكان عال.
اللّغة: «ثنية» بوزن قضية - هي الطريق مطلقا ههنا، وأصله الطريق في الجبل ونحوه، ويطلق على الطريق الوعر، وجمعه ثنايا، مثل قضايا، ومنه قول الشاعر:
أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
ويريد بقوله «سددت عليك كل ثنية» أنه ضيق عليه الخناق ولم يمكنه من الإفلات، «بني كليب» هم قوم جرير بن عطية الذي يهجوه، ويريد بأنه أتاهم من عل أنه نزل عليهم كالقضاء الذي لا يتوقعونه ولا يعملون له حسابا.
الإعراب: «لقد» اللام موطئة للقسم، وقد: حرف تحقيق، «سددت» فعل وفاعل، والجملة لا محل لها من الإعراب جواب القسم، «عليك» جار ومجرور متعلق بسد، «كل» مفعول به لسد، وكل مضاف، و «ثنية» مضاف إليه، «وأتيت» الواو عاطفة، وما بعدها فعل وفاعل جملتهما معطوفة بالواو على جملة سددت، «فوق» ظرف مكان منصوب على الظرفية، والعامل فيه أتى، وفوق مضاف و «بني» مضاف إليه، مجرور بالياء نيابة عن الكسرة لأنه جمع مذكر سالم، وبني مضاف، و «كليب» مضاف إليه، «من» حرف جر «عل» ظرف مكان مبني على الضم في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأتى.
الشّاهد فيه: قوله «من عل» فإن هذه الكلمة قد وردت في هذا البيت بالضم؛ فدل ذلك على أنها مبنية؛ لكون المراد بها معينا، وإذ كان المراد بها معينا فإنه يستلزم أن يكون هناك مضاف إليه محذوف وهو منويّ من حيث المعنى؛ إذ ليس في جوهر اللفظ ما يدل على التعيين؛ فيكون كأنه قد قال: أتيت نحو بني كليب من فوقهم.
٥٠ - هذا عجز بيت من الطويل، وهو من معلقة امرئ القيس بن حجر الكندي، في وصف فرس، وصدر البيت قوله:
* مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا*
وقد أنشد المؤلف هذا الشاهد في أوضحه (رقم ٣٥٠).
اللّغة: «مكر» أي: أنه يصلح للكر والإقدام به، «مفر» أي: أنه يصلح للفر والهرب به من وجوه الأعداء، والمراد بهاتين الكلمتين أنه سريع جدا، «مقبل» أي: أنه حسن الإقبال، «مدبر»