شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

يجوز في المنادى أن يفتح فتحة إتباع بشروط

صفحة 149 - الجزء 1

  وبقاء الضم أرجح عند المبرد، والمختار عند الجمهور الفتح.


أبو بكر هذه الأبيات التي منها بيت الشاهد، وقد ذكرها الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة طلحة بن عبيد الله، انظر مختصر تاريخ دمشق (٧ - ٨٢).

اللّغة: «بوئت» أراد منها معنى أفردت بها، «المها» جمع مهاة، وأصله البقر الوحشية، والعرب تشبه المرأة بالمهاة، «العين» جمع عيناء، وهي واسعة العينين.

الإعراب: «يا» حرف نداء، «طلحة» منادى يجوز ضمه وفتحه: فإن ضممته فهو مبني على الضم في محل نصب لأنه مفرد علم، وإن فتحته، فقيل: هو مبني على الضم المقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الإتباع، وقيل: هو منصوب بالفتحة الظاهرة لأنه مضاف إلى ما بعد ابن، ولفظ ابن مقحم بين المضاف والمضاف إليه، وقيل: هو مع ابن مركبان تركيب خمسة عشر؛ فهو مبني على فتح الجزأين في محل نصب، والأول هو الأوضح وهو الذي ذكره ابن مالك، وهو الذي عناه المؤلف بقوله «فتحة إتباع» وقوله «ابن» هو بالفتح، فإن ضممت طلحة فهو نعت له بالنظر إلى محله؛ لأن محله النصب على ما علمت، وإن فتحت طلحة فكذلك هو نعت له بالنظر إلى محله؛ لأنك علمت أن فتحته فتحة إتباع وأن الضم مقدر عليه على ما رجحناه، وابن مضاف و «عبيد الله» مركب إضافي مضاف إليه، «قد» حرف تحقيق، «وجبت» وجب: فعل ماض، والتاء للتأنيث، «لك» جار ومجرور متعلق بوجب، «الجنان» فاعل وجب، «وبوئت» الواو عاطفة، بوئ: فعل ماض مبني للمجهول، والتاء ضمير المخاطب نائب فاعل «المها» إما منصوب على نزع الخافض، وإما مفعول ثان لبوئ، «العينا» صفة للمها، والألف للإطلاق.

الشّاهد فيه: قوله «يا طلحة بن عبيد الله» فإن المنادى هنا - وهو طلحة - علم مفرد وقد وصف بابن، وهذا الوصف مضاف إلى علم، وهو عبيد الله، وهذا العلم الثاني أبو العلم الأول، والمنادى إذا كان بهذه المثابة جاز فيه الضم على الأصل، والفتح على أحد وجوه ثلاثة ذهب إليها العلماء:

الأول: أن هذا الفتح الذي على تاء «طلحة» ليس فتح إعراب ولا فتح بناء، ولكنه فتح إتباع لما على نون «ابن» لأن الحاجز بينهما في النطق ليس إلا الباء الساكنة، والحرف الساكن حاجز غير حصين فكأن الحرفين متجاوران، واختار هذا الوجه العلامة ابن مالك في كتابه شرح التسهيل، ولم يذكر سواه من الأوجه.

والوجه الثاني: أن هذا الفتح فتح بناء؛ لأن الشاعر ركب الصفة والموصوف معا تركيب خمسة عشر، فبناهما على فتح الجزأين ثم أدخل عليهما حرف النداء، واختار هذا الوجه فخر الدين الرازي، ولم يذكر سواه.

والوجه الثالث: أن هذا الفتح فتح الإعراب، وذلك لأن طلحة مضاف إلى عبيد الله وابن مقحم بينهما، والمنادى إذا كان مضافا كان حكمه النصب.