يجب ثبوت أل في موضعين: الأول فاعل نعم، والثاني: نعت اسم الإشارة أو أي في النداء
  كل الكتب، إلا أن الاستغراق في الآية الأولى لأفراد الجنس، وفي الثانية لخصائص الجنس، كقولك: «زيد الرّجل» أي الذي اجتمع فيه صفات الرجال المحمودة، والثاني نحو: {وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ}[الأنبياء، ٣٠] أي: من هذه الحقيقة، لا من كل شيء اسمه ماء.
  وقولي «العهدية أو الجنسية» خرج به المحلى بالألف واللام الزائدتين؛ فإنها ليست لعهد ولا جنس، وذلك كقراءة بعضهم {لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ}[المنافقون، ٨] بفتح ياء (ليخرجن) وضم رائه، وذلك لأن الأذلّ على هذه القراءة حال، والحال واجبة التنكير؛ فلهذا قلنا: إن أل زائدة لا معرّفة، والتقدير: ليخرجن الأعز منها ذليلا، ولك أن تقدر أن الأصل خروج الأذل، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فانتصب على المصدر على سبيل النيابة، وحينئذ فلا يحتاج لدعوى الزيادة.
  ثم ذكرت أن «أل» المعرفة يجب ثبوتها في مسألتين، ويجب حذفها في مسألتين:
  أما مسألتا الثبوت فإحداهما: أن يكون الاسم فاعلا ظاهرا والفعل «نعم» أو «بئس» كقوله تعالى: {نِعْمَ الْعَبْدُ}[ص - ٣٠] {فَنِعْمَ الْقادِرُونَ}[المرسلات - ٢٣] {فَنِعْمَ الْماهِدُونَ}[الذاريات - ٤٨] و {بِئْسَ الشَّرابُ}[الكهف، ٢٩]، وأشرت بالتمثيل بقوله تعالى: {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ}[الجمعة، ٥]، إلى أنه لا يشترط كون «أل» في نفس الاسم الذي وقع فاعلا كما في {نِعْمَ الْعَبْدُ}[النحل، ٣٠]، بل يجوز كونها فيما أضيف هو إليه، نحو {وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ}[ص - ٣٠] {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}[النحل، ٢٩]، {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ}(١).
(١) يشترط في هذا التمييز خمسة شروط: أولها: أن يكون نكرة، فلا يصح الإتيان به معرفة.
والثاني: أن يكون عامّا، ونريد بالعام ما يكون له أفراد متعددة، كرجل وامرأة وفتاة وكتاب، فإن لم يكن له إلا فرد واحد كقمر وشمس لم يصح أن يكون تمييزا هنا، نعم لو قلت «نعم شمسا شمس يومنا» أو قلت: «نعم قمرا قمر ليلتنا» صح ذلك؛ لأن القمر يتعدد بتعدد الليالي، والشمس تتعدد بتعدد الأيام؛ فصار من قبيل النكرة العامة ذات الأفراد. =