السادس: من المعارف: المضاف لمعرفة
  فوصف المضاف للمعرّف بالأداة بالاسم المعرف بالأداة، والصّفة لا تكون
فأدرك لم يجهد، ولم يثن شأوه ... يمرّ كخذروف الوليد المثقّب
وهذا البيت من قصيدة له طويلة كان قد ساجل بها علقمة الفحل أمام امرأة اسمها أم جندب، وتحاكما إليها في أن يصف كل واحد منهما فرسه في قصيدة، ومطلع قصيدة امرئ القيس قوله:
خليليّ مرّا بي على أمّ جندب ... لنقضي حاجات الفؤاد المعذّب
ومطلع قصيدة علقمة قوله:
ذهبت من الهجران في كلّ مذهب ... ولم يك حقّا كلّ هذا التّجنّب
لغة بيت الشّاهد: «أدرك» أي أدرك هذا الفرس الوحش الذي كان يطارده، «لم يجهد» أي على طبيعته من غير أن أجهده أو أبعثه أو أثيره، «شأوه» الشأو: الشوط البعيد، «الخذروف» لعبة للصبيان يديرونها بخيط في أكفهم فلا تكاد ترى لسرعة دورانها.
المعنى: يصف فرسه بأنه أدرك الصيد من غير أن يجهده، وأنه كان سريعا سرعة تشبه سرعة خذروف الوليد.
الإعراب: «أدرك» فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفرس المذكور في أبيات قبل هذا البيت، «لم» نافية جازمة، «يجهد» فعل مضارع مبني للمجهول، مجزوم بلم، ونائب فاعله ضمير الفرس، والجملة في محل نصب حال من فاعل أدرك، «ولم» الواو عاطفة، لم: نافية جازمة، «يثن» فعل مضارع مبني للمجهول، مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها، «شأوه» شأو: نائب فاعل يثن، وهو مضاف والضمير مضاف إليه، والجملة في محل نصب بالعطف على جملة الحال، «يمر» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفرس، «كخذروف» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف، وتقدير الكلام: يمر مرّا كائنا كمر خذروف، وخذروف مضاف و «الوليد» مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، «المثقب» صفة لخذروف.
الشّاهد فيه: قوله «كخذروف الوليد المثقب» فإن قوله «المثقب» نعت لقوله خذروف في قوله «خذروف الوليد» على ما علمناه من الإعراب، وهذا النعت محلى بالألف واللام، والمنعوت مضاف إلى المحلى بالألف واللام، والنعت لا يجوز أن يكون أعرف من المنعوت؛ فدلنا ذلك على أن المحلى بأل ليس أعرف من المضاف إلى المحلى بأل؛ فثبت أن المضاف إلى معرفة يكون في رتبة هذه المعرفة، وفي كلام المؤلف دليل على استثناء المضاف إلى الضمير، فتنبه لهذا وافهمه.