شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الحال على أربعة أقسام

صفحة 272 - الجزء 1

  فالمبينة للهيئة كقولك: «جاء زيد راكبا» و «أقبل عبد الله فرحا». وقول الله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً}⁣[القصص - ٢١].

  والمؤكدة لصاحبها كقوله تعالى: {لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}⁣[يونس، ٩٩]: وقولك «جاء الناس قاطبة» أو «كافّة» أو «طرّا» وهذا القسم أغفل التنبيه عليه جميع النحويين، ومثّل ابن مالك بالآية للحال المؤكدة لعاملها، وهو سهو.

  والمؤكدة لعاملها كقولك: «جاء زيد آتيا» و «عاث عمرو مفسدا» وقول الله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}⁣[ق، ٣١] وذلك لأن الإزلاف هو التقريب؛ فكل مزلف قريب، وكل قريب غير بعيد، وقوله تعالى: {وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً}⁣[النساء - ٧٩] {فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً}⁣[النمل - ١٩] {وَلَّى مُدْبِراً}⁣[القصص - ٣١] {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}⁣[البقرة - ٦٠] فإنه يقال: عثي بالكسر يعثى بالفتح إذا أفسد.

  والمؤكدة لمضمون الجملة كقولك: «زيد أبوك عطوفا» وقول الشاعر:

  ١١٨ - أنا ابن دارة معروفا بها نسبى ... وهل بدارة يا للنّاس من عار؟


الشّاهد فيه: الاستشهاد بهذا البيت في هذا الموضع في قوله «حالة» حيث أنث لفظ الحال بالتاء، وهي لغة فيه.

١١٨ - هذا بيت من البسيط لسالم بن دارة، وهو من شواهد ابن عقيل (رقم ١٨٩) والأشموني في باب الحال (رقم ٤٩١).

اللّغة: «دارة» أكثر العلماء على أن دارة اسم أم سالم، وبيت الشاهد يؤكده، ومن الناس من قال: دارة لقب جده، واسمه يربوع، وهو سالم بن مسافع بن يربوع، وقيل: مسافع بن عقبة بن يربوع.

الإعراب: «أنا» ضمير منفصل مبتدأ، «ابن» خبر المبتدأ، وابن مضاف و «دارة» مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه لا ينصرف للعلمية والتأنيث، «معروفا» حال، «بها» جار ومجرور متعلق بمعروف، «نسبي» نسب: نائب فاعل لمعروف، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «وهل» حرف استفهام إنكاري، «بدارة» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم،