شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

للحال أربعة أحكام: الأول: الانتقال

صفحة 274 - الجزء 1

  الثالث: أن يكون المضاف عاملا في الحال، كما في قوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً}⁣[يونس، ٤] ف (جميعا) حال من الكاف والميم المخفوضة بإضافة المرجع، والمرجع هو العامل في الحال، وصحّ له أن يعمل لأن المعنى عليه مع أنه مصدر؛ فهو بمنزلة الفعل، ألا ترى أنه لو قيل: إليه ترجعون جميعا، كان العامل الفعل الذي المصدر بمعناه.

  ثم بيّنت أن للحال أحكاما أربعة، وأن تلك الأربعة ربما تخلفت.

  فالأول: الانتقال؛ ونعني به أن لا يكون وصفا ثابتا لازما، وذلك كقولك: «جاء زيد ضاحكا» ألا ترى أن الضحك يزايل زيدا، ولا يلازمه، هذا هو الأصل، وربما جاءت دالة على وصف ثابت، كقول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً}⁣[الأنعام، ١١٤] أي: مبينا، وقول العرب «خلق الله الزّرافة يديها أطول من رجليها» فالزرافة - بفتح الزاي - مفعول لخلق، ويديها بدل منها [بدل] بعض من كلّ، وأطول: حال من الزرافة، ومن رجليها: متعلق بأطول.

  وقد عاب بعض الجهال ما جزمت به من فتح الزاي، وقال: فيها الفتح والضم فبينت له أن هذه اللفظة ذكرها أبو منصور موهوب بن الجواليقي في كتابه فيما تغلط فيه العامة، فقال في باب ما جاء مفتوحا والعامة تضمه ما نصه: وهي الزرافة - بفتح الزاي - هذه الدابة التي جمعت فيها خلق شتى، مأخوذة من قولهم للجمع من الناس «زرافة» بالفتح، وهو الوجه، والعامة تضمها، انتهى كلامه، واللغات الشاذّة لا تحصى، وإنما يعمل على ما عليه الفصحاء الموثوق بلغتهم.

  الثاني: الاشتقاق، وهو: أن تكون وصفا مأخوذا من مصدر كما قدمناه من الأمثلة، وربما جاءت اسما جامدا كقوله تعالى: {فَانْفِرُوا ثُباتٍ}⁣[النساء، ٧١] فثبات: حال من الواو في (انفروا) وهو جامد، لكنه في تأويل المشتق، أي: متفرقين، بدليل قوله تعالى: {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً}⁣[النساء، ٧١]، وقد اشتملت هذه الآية على مجيء الحال جامدة وعلى مجيئها مشتقة.

  الثالث: أن تكون نكرة، كجميع ما قدمناه من الأمثلة، وقد تأتي بلفظ المعرف