شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

حد القول

صفحة 32 - الجزء 1

  التّنزيل⁣(⁣١) وجمعه كلم كنبق⁣(⁣٢)، وكلمة، على وزن سدرة، وكلمة على وزن تمرة، وهما لغتا تميم، وجمع الأولى كلم كسدر، والثانية كلم كتمر.

  وكذلك كل ما كان على وزن فعل - نحو: كبد وكتف -؛ فإنه يجوز فيه اللغات الثلاث، فإن كان الوسط حرف حلق⁣(⁣٣) جاز فيه لغة رابعة، وهي إتباع الأول للثاني في الكسر، نحو: فخذ وشهد⁣(⁣٤).

  وأما معنياها فأحدهما اصطلاحيّ وهو ما ذكرت.

  والمراد بالقول: اللفظ الدالّ على معنى، كرجل وفرس، بخلاف الخط مثلا فإنه وإن دل على معنى لكنه ليس بلفظ، وبخلاف المهمل - نحو: «ديز» مقلوب زيد - فإنه وإن كان لفظا لكنه لا يدلّ على معنى فلا يسمّى شيء من ذلك ونحوه قولا.

  والمراد بالمفرد: ما لا يدلّ جزؤه على جزء معناه⁣(⁣٥)، كما مثّلنا من قولنا رجل


(١) وذلك في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها}⁣[سورة المؤمنين، ١٠٠]، ومنها قوله جل ذكره: {إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ}⁣[سورة آل عمران - ٤٥].

(٢) قد ورد هذا الجمع في قول الشاعر:

ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها ... عقود مدح فما أرضى لكم كلمي

(٣) حروف الحلق ستة: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء.

(٤) مثل المؤلف بمثالين أولهما اسم وهو فخذ وثانيهما فعل وهو شهد - بفتح الحرف الأول في المثالين وكسر الحرف الثاني فيهما - فدل تمثيله على أن هذا الحكم يجري في الاسم وفي الفعل على سواء، ومن أمثلة ذلك: فهم، ونهم، وتعب، وشعث، ولعب، ونعم، وبئس، ويئس، ولحز، وتعس، وجهش، ورعش.

(٥) شمل ذلك ثلاثة أنواع: أولها ما لا جزء له أصلا، وذلك كهمزة الاستفهام ولام الجر وفاء العطف، وثانيها ما له جزء لكنه لا يدل على شيء أصلا، وذلك كزيد وإبراهيم، فإن كل واحد منهما ذو أجزاء هي حروفه التي يتألف منها، وهذه الأجزاء - من ناحية كونها أجزاء - لا تدل على شيء أصلا، وثالثها ما له أجزاء تدل على شيء ولكنه ليس جزء المعنى الذي تدل عليه الجملة، وذلك نحو «عبد الله» و «تأبط شرّا» و «قاضيخان» أعلاما؛ فإن كل واحد من هذه الثلاثة ذو جزأين، وكل جزء منهما يدل على معنى، ولكن هذا المعنى الذي يدل عليه الجزء ليس جزء المعنى الذي تدل عليه جملة اللفظ، فهذه الأنواع الثلاثة داخلة في المفرد بالمعنى المذكور هنا.