شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

المجزومات: الأفعال المضارعة إذا سبقها جازم

صفحة 364 - الجزء 1

  فإن المضارع المرفوع المؤخر على نية التقديم على أداة الشرط في مذهب سيبويه، والأصل أقوم إن قام، ويقول إن أتاه خليل، والمبرد يرى أنه هو الجواب، وأن الفاء مقدّرة.


قف بالدّيار التي لم يعفها القدم ... بلى، وغيّرها الأرواح والدّيم

وبيت الشاهد من شواهد سيبويه (ج ١ ص ٤٣٦) وابن عقيل (رقم ٣٤١) والمؤلف في أوضحه (رقم ٥١٠) والمبرد في الكامل (١ - ٧٨).

اللّغة: «خليل» صاحب خلة - بفتح الخاء - وهي الفقر؛ فالخليل هنا الفقير المحتاج، «مسألة» طلب للعطاء، «حرم» بفتح الحاء المهملة وكسر الراء - أي: ممنوع.

الإعراب: «إن» حرف شرط جازم، «أتاه» أتى: فعل ماض فعل الشرط مبني على فتح مقدر على الألف في محل جزم، وضمير الغائب العائد إلى الممدوح مفعول به، «خليل» فاعل أتى، «يوم» ظرف زمان منصوب على الظرفية عامله أتى، ويوم مضاف، و «مسألة» مضاف إليه، «يقول» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، «لا» نافية عاملة عمل ليس، أو مهملة لا عمل لها «غائب» اسم لا، أو مبتدأ «مالي» مال: فاعل بغائب سد مسد خبر لا أو مسد خبر المبتدأ، ومال مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «ولا» الواو عاطفة، لا: نافية «حرم» خبر مبتدأ محذوف، أي: ولا أنت حرم، أو لا زائدة لتأكيد النفي، وحرم معطوف على غائب.

الشّاهد فيه: قوله «يقول» وقد اختلف العلماء فيه، ولهم في ذلك مذهبان مشهوران:

أحدهما: مذهب سيبويه | والجمهور، ذهب إلى أن هذا الفعل المضارع المرفوع ليس جوابا للشرط السابق، ولكنه دليل على الجواب، وهو على نية التقديم وإن كان في اللفظ متأخرا، فكأنه قال: يقول لا غائب مالي إن أتاه خليل.

وثانيهما: مذهب المبرد وأبي زيد والكوفيين، ذهبوا إلى أن هذا الفعل المضارع هو نفس الجواب، إلا أنه على تقدير الفاء ومبتدأ تكون جملة هذا المضارع خبرا عنه، أي إن أتاه خليل فهو يقول.

واعلم أن محل هذا كله إذا كان فعل الشرط ماضيا، كما في مثال المؤلف وفي بيت الشاهد، فأما إذا كان الشرط مضارعا فقد أجمعوا على أنه لا يجوز إلا جزم الجواب، تقول: إن تذاكر تنجح، بالجزم في الشرط والجزاء جميعا، ولا يجوز رفع الجواب إلا في ضرورة شعرية مع القبح، كالذي رواه سيبويه | من قول جرير بن عبد الله البجلي:

يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إنّك إن يصرع أخوك تصرع

وكالذي رواه من قوله: