شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثالث: مثال المبالغة

صفحة 403 - الجزء 1

  ومثال إعمال مفعال قولهم «إنه لمنحار بوائكها» أي سمانها.

  ومثال إعمال فعول قول أبي طالب:

  ٢٠٨ - * ضروب بنصل السّيف سوق سمانها*


اللّغة: «أخا الحرب» أراد الملازم لها، كقولهم: فلان أخو المروءة والنجدة، «لباسا» صيغة مبالغة للابس، ومعناه الكثير اللبس، «جلالها» بكسر الجيم - جمع جل، والمراد بها الدروع ونحوها مما يلبس في الحرب، «ولاج» كثير الولوج، وهو الدخول، «الخوالف» جمع خالفة، وأصلها عمود الخيمة، وأراد بها ههنا الخيمة نفسها، من باب إطلاق اسم الجزء على الكل، «أعقلا» الأعقل: هو الذي تصطك ركبتاه من الفزع.

المعنى: يمدح نفسه، ويفخر على خصمه، فيقول له: إنك لا تراني في حال من الأحوال إلا مواخيا للحرب كثير لبس الدروع؛ لكثرة ما أخوض غمرات الحرب وأصطلي أوارها، وإذا أوقدت نيران الحرب واستعر لظاها فلن تراني ألج الأخبية هاربا من الفرسان وخوفا من اقتحام المآزق، وقد يكون معنى قوله «لست بولاج الخوالف» أنه لا يزور النساء ولا يقربهن، يصف نفسه بالشجاعة والصبر على مكاره الحروب، وبالانقطاع عن النساء للتفرغ للحرب، وكأنه يعرض بأن خصمه جبان فرور، وأنه زير نساء.

الإعراب: «أخا» حال من الضمير المستتر في قوله «بأرفع» في البيت الذى أنشدناه عند نسبة البيت الشاهد، أو من الضمير المنصوب محلا بإن في قوله «فإنني» من البيت المذكور، وأخا مضاف و «الحرب» مضاف إليه، «لباسا» حال ثانية، «إليها» جار ومجرور متعلق بلباس، وفي لباس ضمير مستتر هو فاعله، «جلالها» جلال: مفعول به للباس، وجلال مضاف، وضمير الغائبة العائد إلى الحرب مضاف إليه، «وليس» الواو عاطفة، وليس: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، «بولاج» الباء زائدة، ولاج: خبر ليس منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وولاج مضاف و «الخوالف» مضاف إليه من إضافة الوصف العامل إلى مفعوله، «أعقلا» خبر ثان لليس.

الشّاهد فيه: قوله «لباسا جلالها» حيث أعمل صيغة المبالغة - وهي قوله لباسا - عمل الفعل، فرفع بها الفاعل - وهو الضمير المستتر فيه - ونصب بها المفعول، وهو قوله جلالها.

٢٠٨ - هذا الشاهد صدر بيت من الطويل لأبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم من كلمة له يرثي فيها أمية بن المغيرة المخزومي، وعجزه قوله:

* إذا عدموا زادا فإنّك عاقر*

وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٢٧٣) وفي القطر (رقم ١٣٠).