الأسماء التي تعمل عمل الفعل عشرة
  وإعمالهما قليل؛ فلهذا خالف سيبويه فيهما قوم من البصريين(١) ووافقه منهم آخرون، ووافقه بعضهم في فعل(٢) لأنه على وزن الفعل، وخالفه في فعيل؛ لأنه على وزن الصفة المشبهة كظريف، وذلك لا ينصب المفعول.
رواه المؤلف صدر بيت من الوافر، وعجزه قوله:
* جحاش الكرملين لها فديد*
اللّغة: «جحاش» جمع جحش، وهو الحمار الصغير، «الكرملين» بكسر الكاف والميم بينهما راء مهملة ساكنة - تثنية كرمل، وهو اسم ماء بجبل من جبال طيئ، «فديد» صوت.
المعنى: يقول: بلغني أن هؤلاء الناس أكثروا من تمزيق عرضي والنيل منه بالطعن والقدح، وإنهم عندي بمنزلة الجحاش التي ترد ماء الكرملين وهي تصيح وتصوت، يريد أنه لا يعبأ بهم، ولا يكترث بما يقولونه؛ لأن كلامهم يشبه أصوات صغار الحمير.
الإعراب: «أتاني» أتى: فعل ماض، والنون للوقاية، والياء مفعول به، «أنهم» أن: حرف توكيد ونصب، وضمير الغائبين اسم أن «مزقون» خبر أن، مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم، «عرضي» عرض مفعول به لمزقون، وعرض مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «جحاش» خبر لمبتدأ محذوف: أي هم جحاش، وجحاش مضاف و «الكرملين» مضاف إليه، «لها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، «فديد» مبتدأ مؤخر، وجملة هذا المبتدأ وخبره في محل نصب حال صاحبه جحاش الكرملين الواقع خبرا.
الشّاهد فيه: قوله «مزقون عرضي» حيث أعمل صيغة المبالغة، وهو قوله مزقون الذي هو جمع مزق - بفتح الميم وكسر الزاي - عمل الفعل؛ فنصب به المفعول به - وهو قوله عرضي - على ما تبين في الإعراب.
وفي البيت دليل على أن جمع صيغة المبالغة يعمل كعمل مفردها، وهو ظاهر، ومن شواهد إعمال فعل قول لبيد بن ربيعة العامري، وهو من شواهد سيبويه:
أو مسحل شنج عضادة سمحج ... بسراته ندب لها وكلوم
وقول الآخر:
حذر أمورا لا تضير، وآمن ... ما ليس منجيه من المقدار
(١) خالف سيبويه في هذا الموضع أكثر البصريين.
(٢) اشتهر عن الجرمي أنه يوافق سيبويه في إعمال فعل؛ لكونه على وزن الفعل من نحو علم وفرح وجذل وبطر وسمع وفهم وحذر.