الصفة المشبهة تفارق اسم الفاعل من أربعة أوجه
  المعنى؛ لأنه معموله الأصلي، ولا يصح أن ترفعه على الفاعلية - والحالة هذه - لاستيفائه فاعله، وهو الضمير، فأشبه المفعول في قولك: «زيد ضارب عمرا»؛ لأن ضاربا طالب له، ولا يصح أن ترفعه على الفاعلية، فنصب لذلك.
  فالصفة مشبّهة باسم الفاعل المتعدي لواحد، ومنصوبها يشبه مفعول اسم الفاعل، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا التقدير.
  ثم لك بعد ذلك أن تخفضه بالإضافة، وتكون الصفة حينئذ مشبهة أيضا لأن الخفض ناشئ - على الأصح - عن النصب، لا عن الرفع؛ لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه؛ إذ الصفة أبدا عين مرفوعها وغير منصوبها فافهمه.
  وتفارق هذه الصفة اسم الفاعل من وجوه:
  أحدها: أنها لا تكون إلا للحال، وأعني به الماضي المستمر إلى زمن الحال، واسم الفاعل يكون للماضي وللحال وللاستقبال.
  والثاني: أن معمولها لا يكون إلا سببيّا، وأعني به ما هو متصل بضمير الموصوف لفظا أو تقديرا، واسم الفاعل يكون معموله سببيّا وأجنبيّا؛ تقول في الصفة المشبهة: «زيد حسن وجهه» و «زيد حسن الوجه» أي: الوجه منه، أو «وجهه» فهو إما على نيابة «أل» مناب الضمير المضاف إليه أو على حذف الضمير من غير نيابة عنه، ولا تقول «زيد حسن عمرا» كما تقول: زيد ضارب عمرا.
  الثالث: أن معمولها لا يكون إلا مؤخرا عنها، تقول: «زيد حسن وجهه» ولا تقول «زيد وجهه حسن» ومعمول اسم الفاعل يكون مؤخرا عنه ومقدما عليه، تقول «زيد غلامه ضارب»(١).
(١) قد جوز عامة العلماء أن نقول: «زيد بك فرح» على أن يكون «زيد» مبتدأ، و «بك» جارّا ومجرورا متعلقا بفرح، و «فرح» خبر المبتدأ، وقد رووا أن العرب تقول مثل ذلك.
وقد ذهب ابن الناظم إلى أن تجويز العلماء ذلك ينقض ما اتفقوا عليه من أن معمول الصفة المشبهة لا يكون إلا سببيّا: أي اسما ظاهرا متصلا بضمير يعود على الموصوف لفظا أو تقديرا، كما ينقض ما اتفقوا عليه أيضا من أن معمول الصفة المشبهة لا يقدم عليها، وذلك لأن «بك» في المثال الذي ذكرناه ليس سببيّا، وهو متقدم على الصفة المشبهة. =