حد الإعراب، وبيان معناه اللغوي والاصطلاحي
  و «مررت بزيد»، ألا ترى أنها آثار ظاهرة في آخر «زيد» جلبتها العوامل الداخلة عليه - وهي: جاء، ورأى، والباء.
  ومثال الآثار المقدرة ما تعتقده منويّا في آخر نحو «الفتى» من قولك «جاء الفتى» و «رأيت الفتى» و «مررت بالفتى»؛ فإنك تقدر في آخره في المثال الأول ضمة، وفي الثاني فتحة، وفي الثالث كسرة، وتلك الحركات المقدرة إعراب، كما أن الحركات الظاهرة في آخر «زيد» إعراب.
  وخرج بقولي «يجلبه العامل» نحو الضمة في النون في قوله تعالى: {فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ}[الإسراء، ٧١] في قراءة ورش، بنقل حركة همزة أوتي إلى ما قبلها وإسقاط الهمزة، والفتحة في دال {قَدْ أَفْلَحَ}[المؤمنون، ١] على قراءته أيضا بالنقل، والكسرة في دال «الحمد لله» في قراءة من أتبع الدال اللام؛ فإن هذه الحركات وإن كانت آثارا ظاهرة في آخر الكلمة لكنها لم تجلبها عوامل دخلت عليها؛ فليست إعرابا.
  وقولي «في آخر الكلمة» بيان لمحل الإعراب من الكلمة، وليس باحتراز؛ إذ ليس لنا آثار تجلبها العوامل في غير آخر الكلمة فيحترز عنها.
  فإن قلت: بلى، وجد ذلك في «امرئ» و «ابنم» ألا ترى أنهما إذا دخل عليهما الرافع ضمّ آخرهما وما قبل آخرهما؛ فتقول «هذا امرؤ وابنم» وإذا دخل عليهما الناصب فتحهما فتقول «رأيت أمرأ وابنما» وإذا دخل عليهما الخافض كسرهما فتقول «مررت بامرئ وابنم»، قال الله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ}[النساء - ١٧٦] {ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ}[مريم - ٢٨] {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس - ٣٧].
  قلت: اختلف أهل البلدين(١) في هذين الاسمين، فقال الكوفيون: إنهما معربان من مكانين، وإذا فرّعنا على قولهم فلا يجوز الاحتراز عنهما، بل يجب إدخالهما فى الحدّ، وقال البصريون، وهو الصواب: إن الحركة الأخيرة هي الإعراب، وما قبلها إتباع لها، وعلى قولهم فلا يصح إدخالهما فى الحد(٢).
(١) أراد بأهل البلدين: الكوفيين والبصريين.
(٢) حاصل ما ذكره المؤلف في كلمتي «امرئ، وابنم» أن آخر كل منهما والحرف الذي قبل الآخر يتغيران بتغير العوامل فيرتفع الحرف الأخير والذي قبله بعامل الرفع، وينتصبان بعامل النصب، وينخفضان بعامل الخفض، وقد =