شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

مقدمة الشارح المحقق

صفحة 7 - الجزء 1

  

  الحمد لله على نعمائه، والشكر له على آلائه⁣(⁣١)، وصلّى الله على سيدنا محمد واسطة عقد أنبيائه، وعلى آله وصحبه وأوليائه.

  أحمده - سبحانه - حمدا يكون سببا مدنيا من رضاه، وأشكره شكرا يكون مقرّبا من الفوز بمغفرته.

  وبعد، فهذا كتاب «شذور الذهب، في معرفة كلام العرب» وشرحه، وهما من تصانيف العلامة المحقق، فخر العربية، وحامل لواء علمائها، أفضل من صنّف من رجالات القرن الثامن الهجري في قواعد العربية والتطبيق عليها، جمال الدين بن هشام الأنصاري، وهذا الكتاب وشرحه صنو كتابه «قطر الندى، وبلّ الصّدى» وشرحه، صنفهما ابن هشام للذين شدوا من علم العربية شيئا يكون كالمقدمة لقراءتهما، وكنا ندرسهما معا في الجامع الأزهر في فرقة دراسية واحدة، وفي عام واحد، وكنا نستوعبهما قراءة ودرسا، ولم نجد في ذلك مشقة ولا عنتا.

  وللكتابين في نفسي ذكريات لن يأتي عليها الزمان؛ فقد تلقيتهما معا على شيخ واحد، وكان ¦ مثالا للجدّ والإخلاص في التحصيل والإفهام وبعث الهمة على الاقتداء به، فكان ذلك أحد البواعث على محبة الكتابين وتحصليهما، ثم كان أشدّ البواعث إلى الكتابة عليهما وبعثهما.

  وقد كان مما جرى به القدر أن رأت مشيخة الجامع الأزهر في نظامها الجديد⁣(⁣٢) تدريس هذين الكتابين لفرقتين دراسيتين؛ فجعلت «قطر الندى» وشرحه للسنة الثالثة الإعدادية، و «شذور الذهب» وشرحه للسنة الرابعة الإعدادية، وقد كنت قدّمت لقراء العربية عامة ولأبنائي وإخواني من طلبة الأزهر وأساتذته خاصّة شرحا سهل العبارة فائق التحقيق على شرح قطر الندى، فكان لزاما عليّ أن أعزّزه بشرح على «شذور الذهب» ليكون له أخا يدانيه في السهولة والتحقيق، ويقرّب ما أغرب به ابن هشام ما


(١) الآلاء: النعم، واحدها إلى، بوزن رضا.

(٢) في سنة ١٩٣٥ الميلادية.