السادس: الأفعال الخمسة
  مضارع اتصل به ألف اثنين، أو واو جماعة، أو ياء مخاطبة.
  وحكمها أن ترفع بثبوت النون نيابة عن الضمة، وتنصب وتجزم بحذفها نيابة عن الفتحة والسكون، مثال الرفع قوله تعالى: {فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ}[الرحمن - ٥] {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة - ٢٢] {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}[البقرة - ٨٤] {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}[الأعراف، ٩٥] فالمضارع في ذلك كله مرفوع؛ لخلوه عن الناصب والجازم، وعلامة رفعه ثبوت النون، ومثال الجزم والنصب قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}[البقرة، ٢٤] ف {لَمْ تَفْعَلُوا} جازم ومجزوم، و {لَنْ تَفْعَلُوا} ناصب ومنصوب، وعلامة الجزم والنصب فيهما حذف النون.
  فإن قلت: فما تصنع في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}[البقرة، ٢٣٧] فإن «أن» ناصبة، والنون ثابتة معه؟
  قلت: ليست الواو هنا واو الجماعة، وإنما هي لام الكلمة التي في قولك «زيد يعفو» وليست النون هنا نون الرفع، وإنما هي اسم مضمر عائد على المطلقات، مثلها في {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ}[البقرة، ٢٢٨] والفعل مبنيّ لاتصاله بنون النسوة، ووزن يعفون على هذا يفعلن، كما أنك إذا قلت «النسوة يخرجن» أو «يكتبن» كان ذلك وزنه، وأما إذا قلت «الرّجال يعفون» فالواو واو الجماعة، والنون علامة الرفع، والأصل يعفوون، بواوين أولاهما لام الكلمة والثانية واو الجماعة، فاستثقلت الضمة على واو قبلها ضمة وبعدها واو ساكنة - وهي الواو الأولى - فحذفت الضمة فالتقى ساكنان، وهما الواوان، فحذفت الأولى، وإنما خصّت بالحذف دون الثانية لثلاثة أمور:
  أحدها: أن الأولى جزء [كلمة] والثانية كلمة، وحذف جزء أسهل من حذف كلّ.
  والثاني: أن الأولى آخر الفعل، والحذف بالأواخر أولى.
  والثالث: أن الأولى لا تدلّ على معنى والثانية دالة على معنى، وحذف ما لا يدلّ أولى من حذف ما يدلّ.