شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الأول: ما تقدر فيه الحركات الثلاث وهو نوعان: المقصور، والمضاف للياء.

صفحة 94 - الجزء 1

  فأما الذي تقدر فيه الثلاث فنوعان:

  أحدهما: ما أضيف إلى ياء المتكلم وليس مثنى، ولا جمع مذكر سالما، ولا منقوصا، ولا مقصورا، وذلك نحو: «غلامي» و «غلماني» و «مسلماتي»⁣(⁣١) فهذه الأمثلة ونحوها تعرب بحركات مقدرة على ما قبل الياء، والذي منع من ظهورها أنهم التزموا أن يأتوا قبل الياء بحركة تجانسها، وهي الكسرة، فاستحال حينئذ المجيء بحركات الإعراب قبل الياء؛ إذ المحل الواحد لا يقبل حركتين في الآن الواحد، فتقول «جاء غلامي» فتكون علامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل الياء، و «رأيت غلامي» فتكون علامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل الياء، و «مررت بغلامي» فتكون علامة جره كسرة مقدرة على ما قبل الياء، لا هذه الكسرة الموجودة كما زعم ابن مالك؛ فإنها كسرة المناسبة، وهي مستحقّة قبل التركيب، وإنما دخل عامل الجر بعد استقرارها.

  واحترزت بقولي «وليس مثنى ولا جمع مذكر سالما» من نحو: «غلاماي» [وغلاميّ] و «مسلميّ»، فإن الياء تثبت فيهما جرّا ونصبا مدغمة في ياء المتكلم؛ والألف تثبت في المثنى رفعا، وليس شيء من [الحرف] المدغم ولا من الألف قابلا للتحريك.

  وقولي «ولا منقوصا» لأن ياء المنقوص تدغم في ياء المتكلم؛ فتكون كالمثنى والمجموع جرّا ونصبا.

  وقولي «ولا مقصورا» لأن المقصور تثبت ألفه قبل الياء، والألف لا تقبل الحركة؛ فهو كالمثنى رفعا، قال الله تعالى: {يا بُشْرى هذا غُلامٌ}⁣[يوسف - ١٩]


(١) القول بأن المضاف إلى ياء المتكلم معرف بحركات مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة - هو أرجح مذاهب النحاة في هذا النوع، وللنحاة فيه ثلاثة مذاهب؛ أولها: هذا الذي ذكره المؤلف، وهو كما قلنا أرجحها، وأقربها دليلا، وثانيها: أنه مبني؛ لأن آخره لا يتغير بتغير العوامل، وثالثها: أنه واسطة بين المبني والمعرب، فليس هو بمبني ولا بمعرب، وأصحاب هذا المذهب يقسمون الاسم إلى ثلاثة أقسام: معرب، ومبني، ولا معرب ولا مبني، وأصحاب القولين السابقين يجعلون الاسم نوعين فقط: المعرب، والمبني.