البلاغة الواضحة،

علي الجارم (المتوفى: 1368 هـ)

القواعد:

صفحة 139 - الجزء 1

  كذلك لا يصح أن يتّصف عبد اللّه بن عباس في المثال الخامس، والمتنبي في المثال السادس بالصدق أو الكذب، لأن كلّا منهما لا يخبر عن حصول شئ أو عدم حصوله، ولو أنك تتبعت جميع الكلام لوجدته لا يخرج عن هذين النوعين، ويسمّى النوع الأول خبرا والنوع الثاني إنشاء.

  انظر بعد ذلك إلى الجمل في الأمثلة السابقة أو في غيرها تجد كل جملة مكونة من ركنين أساسيّين هما المحكوم عليه والمحكوم به، ويسمى الأول مسندا إليه والثاني مسندا أماما عداهما فهو «قيد» في الجملة وليس ركنا أساسيا.

القواعد:

  (٢٨) الكلام قسمان: خبر وإنشاء:

  (ا) فالخبر ما يصحّ أن يقال لقائله إنّه صادق فيه أو كاذب، فإن كان الكلام مطابقا للواقع كان قائله صادقا، وإن كان غير مطابق له كان قائله كاذبا⁣(⁣١).

  (ب) والإنشاء ما لا يصحّ أن يقال لقائله إنّه صادق فيه أو كاذب.

  (٢٩) لكلّ جملة من جمل الخبر والإنشاء ركنان: محكوم عليه،


(١) الخبر إما جملة اسمية وإما جملة فعلية، فالجملة الاسمية تفيد بأصل وضعها ثبوت شئ لشئ ليس غير، فإذا قلت: الهواء معتدل لم يفهم من ذلك سوى ثبوت الاعتدال للهواء من غير نظر إلى حدوث أو استمرار، وقد يكتنفها من القرائن ما يخرجها عن أصل وضعها فتفيد الدوام والاستمرار كأن يكون الكلام في معرض المدح أو الذم، ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}

أما الجملة الفعلية فموضوعة لإفادة الحدوث في زمن معين مع الاختصار، فإذا قلت: «أمطرت السماء» لم يستفد السامع من ذلك إلا حدوث الإمطار في الزمن الماضي، وقد تفيد الاستمرار التجددي بالقرائن كما في قول المتنبي:

تدبر شرق الأرض والغرب كفه ... وليس لها يوما عن المجد شاغل

فإن المدح قرينة دالة على أن التدبير أمر مستمر متجدد آنا فآنا.

والجملة الاسمية لا تفيد الثبوت بأصل وضعها ولا الاستمرار بالقرائن، إلا إذا كان خبرها مفردا أو جملة اسمية، أما إذا كان خبرها جملة فعلية فإنها تفيد التجدد.