البلاغة الواضحة،

علي الجارم (المتوفى: 1368 هـ)

الإنشاء الطلبى

صفحة 179 - الجزء 1

  وإذا تدبرت المثال السابع وجدت امرأ القيس يتخيّل صاحبين يستوقفهما ويستبكيهما جريا على عادة الشعراء، إذ يتخيل أحدهم أن له رفيقين يصطحبانه في غدوّه ورواحه، فيوجه إليهما الخطاب، ويفضى إليهما بسره ومكنون صدره، وصيغة الأمر إذا صدرت من رفيق لرفيقه أو من ندّ لندّه لم يرد بها الإيجاب والإلزام، وإنما يراد بها محض الالتماس.

  وامرؤ القيس أيضا في المثال الثامن لم يأمر الليل ولم يكلفه شيئا؛ لأن الليل لا يسمع ولا يطيع، وإنما أرسل صيغة الأمر وأراد بها التمني.

  وإذا تدبرت الأمثلة الباقية وتعرفت سياقها وأحطت بما يكنفها من قرائن الأحوال، أدركت أن صيغ الأمر فيها لم تأت للدلالة على المعنى الأصلي، وإنما جاءت لتفيد التخيير، والتسوية، والتعجيز، والتهديد والإباحة على الترتيب.

القواعد:

  (٣٧) الأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء.

  (٣٨) للأمر أربع صيغ: فعل الأمر، والمضارع المقرون بلام الأمر واسم فعل الأمر، والمصدر النّائب عن فعل الأمر.

  (٣٩) قد تخرج صيغ الأمر عن معناها الأصلىّ إلى معان أخرى تستفاد من سياق الكلام، كالإرشاد، والدّعاء، والالتماس، والتّمنّى، والتّخيير، والتّسوية، والتّعجيز، والتّهديد، والإباحة.

نموذج

  لبيان صيغ الأمر وتعيين المراد من كل صيغة فيما يأتي:

  (١) قال تعالى خطابا ليحيى #: {خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ}