البلاغة الواضحة،

علي الجارم (المتوفى: 1368 هـ)

(4) حسن التعليل

صفحة 289 - الجزء 1

  إلى المغيب للسبب الكوني المعروف عند العلماء. ولكنها اصفرت مخافة أن تفارق وجه الممدوح. وينكر الشاعر في البيت الثالث الأسباب الطبيعية لقلة المطر بمصر، ويتلمس لذلك سببا آخر هو أن المطر يخجل أن ينزل بأرض يعمّها فضل الممدوح وجوده؛ لأنه لا يستطيع مباراته في الجود والعطاء.

  فأنت ترى في كل مثال من الأمثلة السابقة أن الشاعر أنكر سبب الشّئ المعروف والتجأ إلى علة ابتكرها تناسب الغرض الذي يرمى إليه، ويسمى هذا الأسلوب من الكلام حسن التعليل.

القاعدة:

  (٧٤) حسن التّعليل أن ينكر الأديب صراحة أو ضمنا علّة الشّئ المعروفة، ويأتي بعلّة أدبيّة طريفة تناسب الغرض الّذى يقصد إليه.

تمرينات

  (١)

  وضح حسن التعليل في الأبيات الآتية:

  (١) قال ابن نباتة:

  لم يزل جوده يجور على المال ... إلى أن كسا النّضار اصفرارا

  (٢) وقال شاعر يمدح ويعلل لزلزال حدث بمصر:

  ما زلزلت مصر من كيد يراد بها ... وإنما رقصت من عدله طربا

  (٣)

  أرى بدر السّماء يلوح حينا ... ويبدو ثمّ يلتحف السّحابا

  وذاك لأنّه لمّا تبدّى ... وأبصر وجهك استحيا وغابا

  (٤) وقيل في وصف فرس أدهم ذي غرّة⁣(⁣١):

  وأدهم كالغراب سواد لون ... يطير مع الرّياح ولا جناح

  كساه اللّيل شملته وولّى ... فقبّل بين عينيه الصّباح⁣(⁣٢)


(١) الأدهم: الأسود، والغرة: بياض في جبهة الفرس.

(٢) الشملة: ثوب يتلفف به.