(2) مواضع الوصل
البحث:
  تأمل الجملتين «أعبد كل حرّ» و «علّم ساغبا أكل المرار» في البيت الأول، تجد أن للأولى منهما موضعا من الإعراب لأنها خبر للمبتدأ قبلها، وأن القائل أراد إشراك الثانية لها في هذا الحكم الإعرابى. وتأمل الجملتين: «لا يناله نديم» و «لا يفضى إليه شراب» في البيت الثاني، تجد أن للأولى أيضا موضعا من الإعراب لأنها صفة للنكرة قبلها، وأنه أريد إشراك الثانية لها في هذا الحكم، وإذا تأملت الجملة الثانية في كل من البيتين وجدتها معطوفة على الجملة الأولى موصولة بها. وكذلك يجب الوصل بين كل جملتين جاءتا على هذا النحو.
  انظر في البيت الثالث إلى الجملتين: «يشمّر للّجّ عن ساقه» و «يغمره الموج في الساحل» تجدهما متحدتين خبرا متناسبتين في المعنى(١) وليس هناك من سبب يقتضى الفصل ولذلك عطفت الثانية على الأولى، والمثال الرابع كذلك مكون من جملتين متحدتين إنشاء هما: «أدن» و «لا تشهد» وهما متناسبتان في المعنى وليس هناك من سبب يقتضى الفصل ولذلك عطفت الثانية على الأولى، وهكذا يجب الوصل بين كل جملتين اتحدتا خبرا أو إنشاء وتناسبتا في المعنى ولم يكن هناك ما يقتضى الفصل بينهما.
  انظر في المثال الخامس إلى الجملتين: «لا» و «بارك اللّه فيك» تجد أن الأولى خبرية(٢)، والثانية إنشائية(٣). وأنك لو فصلت فقلت:
  «لا بارك اللّه فيك» لتوهم السامع أنك تدعو عليه في حين أنك تقصد الدعاء له، ولذلك وجب العدول عن الفصل إلى الوصل. وكذلك الحال في جملتى المثال الأخير، وفي كل جملتين اختلفتا خبرا وإنشاء وكان ترك العطف بينهما يوهم خلاف المقصود.
(١) يراد بالتناسب أن يكون بين الجملتين رابطة تجمع بينهما كأن يكون المسند إليه في الأولى له تعلق بالمسند في الثانية، وكأن يكون المسند في الأولى مماثلا للمسند في الثانية أو مضادا له.
(٢) «لا» في هذا الموضع قائمة مقام جملة خبرية إذ التقدير «لا حاجة لي» وكذلك يقال في المثال الثاني.
(٣) جملة «بارك اللّه فيك» خبرية لفظا إنشائية معنى، والعبرة بالمعنى.