البلاغة الواضحة،

علي الجارم (المتوفى: 1368 هـ)

تقسيمه إلى طلبي وغير طلبي

صفحة 169 - الجزء 1

  (١٠) وقال آخر:

  عسى سائل ذو حاجة إن منعته ... من اليوم سؤلا أن يكون له غد⁣(⁣١)

البحث:

  الأمثلة المتقدمة جميعها إنشائية، لأنها لا تحتمل صدقا ولا كذبا، وإذا تدبرتها جميعها وجدتها قسمين؛ فأمثلة الطائفة الأولى يطلب بها حصول شئ لم يكن حاصلا وقت الطلب، ولذلك يسمى الإنشاء فيها طلبيّا. أما أمثلة الطائفة الثانية فلا يطلب بها شئ، ولذلك يسمى الإنشاء فيها غير طلبىّ.

  تدبر الإنشاء الطلبي في أمثلة الطائفة الأولى تجده تارة يكون بالأمر كما في المثال الأول، وتارة بالنهى كما في المثال الثاني، وتارة بالاستفهام كما في المثال الثالث، وتارة بالتمنى كما في المثال الرابع، وتارة بالنداء كما في المثال الخامس، وهذه هي أنواع الإنشاء الطلبي التي سنبحث عنها في هذا الكتاب⁣(⁣٢).

  انظر إلى أمثلة الطائفة الثانية تجد وسائل الإنشاء فيها كثيرة، فقد يكون بصيغ التعجب كما في المثال السادس، أو بصيغ المدح والذم كما في المثال السابع أو بالقسم كما في المثال الثامن، أو بلعل وعسى وغيرهما من أدوات الرجاء كما في المثالين الأخيرين، وقد يكون بصيغ العقود كبعت واشتريت.

  وأنواع الإنشاء غير الطلبىّ ليست من مباحث علم المعاني، ولذلك نقتصر فيها على ما ذكرنا ولا نطيل فيها البحث.


(١) لا يليق أن تمنع سائلا أتاك وله حاجة، فإنك إن منعته في يومك الذي هو لك فقد يكون له الغد فيجازيك على الحرمان بالحرمان.

(٢) ويكون الإنشاء الطلبي أيضا بالعرض والتحضيض والجمل الدعائية، ولكنا اقتصرنا على الأنواع الخمسة لاختصاصها بكثير من اللطائف البلاغية.