(5 و 6) تأكيد المدح بما يشبه الذم وعكسه
البحث:
  لا أظنك تتردد في أن الأمثلة السابقة جميعها تفيد المدح ولكنها وضعت في أسلوب غريب لم تعهده، ولذلك نرى أن نشرحه لك.
  صدّر ابن الرومي في المثال الأول كلامه بنفي العيب عامة عن ممدوحه، ثم أتى بعد ذلك بأداة استثناء هي «سوى» فسبق إلى وهم السامع أن هناك عيبا في الممدوح، وأن ابن الرومي سيكون جريئا في مصارحته به، ولكن السامع لم يلبث أن وجد بعد أداة الاستثناء صفة مدح، فراعه هذا الأسلوب، ووجد أن ابن الرومي خدعه فلم يذكر عيبا، بل أكّد المدح الأول في صورة توهم الذم، ومثل ذلك يقال في المثال الثاني.
  انظر إلى المثال الثالث تجد أن النبي ﷺ وصف نفسه بصفة ممدوحة وهي أنه أفصح العرب، ولكنه أتى بعدها بأداة استثناء فدهش السامع، وظن أن النبي ﷺ سيذكر بعدها صفة غير محبوبة، ولكن سرعان ما هدأت نفسه حين وجد صفة ممدوحة بعد أداة الاستثناء، وهي أنه من قريش، وقريش أفصح العرب غير منازعين. فكان ذلك توكيدا للمدح الأول في أسلوب ألف الناس سماعه في الذّم، وكذلك يقال في المثال الأخير. ويسمى هذا الأسلوب في جميع الأمثلة المتقدمة وما جاء على شاكلتها تأكيد المدح بما يشبه الذم.
  وهناك أسلوب لتوكيد الذم بما يشبه المدح وهو كالأسلوب السابق، له صورتان: فالأولى نحو: لا جمال في الخطبة إلّا أنها طويلة في غير فائدة، والثانية نحو: القوم شحاح إلّا أنهم جبناء.
القواعد:
  (٧٥) تأكيد المدح بما يشبه الذمّ ضربان:
  (ا) أن يستثنى من صفة ذمّ منفيّة صفة مدح