[المرفوعات]
  معتبر(١) مع فساد المعنى كقوله:
  ٣٠ - كَأَنَّ ثبيراً في عرانينِ وَبْلِه ... كبيرُ أُنَاسٍ في بِجَادٍ مُزَمَّلِ(٢)
  فوصف البجاد بأنه مزمَّل، والصفة في الحقيقة لقوله: كبير، فأولى وأحرى مع عدم الفساد؛ ولأن إعمال الثاني هو الوارد في كتاب الله تعالى وهو لا يأتي إلا على الفصيح كقوله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩}[الحاقة]، فأعمل اقرأوا، ولو أعمل هاؤم لأضمر المفعول في اقرأوا وقال: اقرأوه؛ إذ هذا هو المختار كما سيأتي وقول الشاعر:
  ٣١ - وكُمْتاً مُدَمَّاة كَأَنَّ متونها ... جرى فوقها واستشعرت لونَ مُذْهَبِ(٣)
(١) في (ب، ج، د) قد يعتبر.
(٢) هذا البيت من معلقة امرئ القيس، وهو من الطويل.
اللغة: ثبير: جبل بمكة. عرانين: الأوائل جمع عرنين معظم الأنف أو كله شبه به أول المطر لتقدمه عن الوجه واستعاره له. (وبله) الوبل أي: المطر. بجاد بكسر الموحدة بعدها جيم، أي: كساء والمزمل: الملتف.
المعنى: يمدح الشاعر هذا الجبل حيث شبهه بكبير قوم ملفوف في كساء مخطط من أكسية الأعراب من وبر الإبل وصوف الغنم وذلك حال نزول المطر عليه والجبال من حواليه.
الإعراب: (كأن) حرف تشبيه ونصب (ثبيراً) اسم كأن منصوب بالفتحة الظاهرة (في عرانين) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال والعامل فيه (كأن) لما فيها من معنى الفعل: و (عرانين) مضاف و (وبل) مضاف إليه، وضمير الغائب ضمير متصل في محل جر بالإضافة (كبير) خبر كأن مرفوع بالضمة، وكبير مضاف و (أناس) مضاف إليه (في بجاد) جار ومجرور متعلق بمزمل، و (مزمل) صفة لكبير، وكان حقه الرفع ولكنه جر بالكسرة لمجاورته بجاد.
الشاهد فيه: حيث وصف البجاد بأنه مُزَمَّل فجرّ مزمّل بالكسرة للمجاورة، والصفة في الحقيقة لكبير، وأراد المصنف أن يستشهد للبصريين لإعمال الثاني لقربه وجواره. وقيل: إنه جُرّ لمجاورته (أناس) تقديراً لا لبجاد الذي حقه التأخير عن مُزَمّل لتعلقه به، وأصل التركيب: كبير أناس مزمل في بجاد وفيه تخريجات ذكرها السيوطي.
(٣) البيت لطفيل الغنوي وهو من الطويل. =