[المرفوعات]
  الضمير من جفوني، فلما أعمل الثاني أضمر الفاعل في الأول (دون الحذف) لضمير الفاعل من الأول فلا يجوز؛ لأنه عمدة لا يتم الكلام إلا به (خلافاً(١) للكسائي) فقال: إذا كان الأول يقتضي فاعلاً أو ما يقوم مقامه لم يجز(٢) الإضمار فيه وإعمال الثاني؛ لأنه يؤدي إلى الإضمار قبل الذكر، ولكن يُعمل الأول وإلا حذف ضمير الفاعل منه مع إعمال الثاني.
  (و) جوابنا على الكسائي: أنه لا يجوز حذف الفاعل ويجوز إضماره قبل الذكر
(١) قوله: خلافاً للكسائي ... إلخ فإن قيل: قد جاز حذف الفاعل بدون سد شيء مسده نحو قوله تعالى: (أسمع بهم وأبصر) حيث حذف بهم، وهو فاعل عند سيبويه ونحو «ما قام وقعد إلا أنا» في الأول وهو الفاعل ونحو «اضربِنّ» حيث حذف الفاعل وهو الياء ونحو «أكرموا القوم» حيث حذف الفاعل وهو الواو لفظاً لالتقاء الساكنين وإن ثبت خطاً؛ لئلا يلتبس الجمع بالواحد ونحو قوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ١٤}[البلد]، حيث حذف فاعل المصدر، قلت: إن المصدر ضعيف في العمل لا يجب فيه وجود الفاعل كقوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ١٤}[البلد]، فيكون من باب عدم الفاعل لعدم الاقتضاء في الجوامد لا من باب حذف الفاعل، والأمثلة السابقة من باب تقدير الفاعل لا من باب حذفه نسياً منسيا. (غاية) وفيه أن المحذوف في باب التنازع لو كان كذلك لزم أن يكون المتعدي مثل: «ضربت وأكرمت زيداً» منزلاً منزلة اللازم فلم يكن من باب التنازع لعدم اقتضاء المفعول ولزم وجود الفعل بلا فاعل في نحو «ما ضرب وأكرم إلا زيد» فالأقرب أن يعتذر في البواقي إما عن مثل «ما قام وقعد إلا أنا» فإنه في صورة المستثنى ومن تزيا بزي قوم فهو منهم، وإما عن نحو (أسمع بهم وأبصر)؛ فلأنه ليس مما ذهب إليه الجمهور ولأنه في زي المفعول بلزوم الجار وكون أفعل في صورة يلزم استتار فاعله، وإما عن الآخرين؛ فلأن الضمة والكسرة بعض الواو والياء فكأن الفاعل غير محذوف لسد الجزء مسد الكل.
قال الرضي في كلام الكسائي: فحاله كما قيل:
فكنت كالساعي إلى مثعب ... موايلاً من سبل الراعد
(٢) وهو ليس بجيد؛ لأنه قد ثبت في كلامهم الإضمار قبل الذكر ولم يثبت في كلامهم حذف الفاعل. (سعيدي) بل قد ثبت في «ما قام وقعد إلا أنا»، قال نجم الدين: ويلزم البصريين أيضاً متابعةُ الكسائي في مذهبه؛ لأنهم يوافقونه في أنه من باب الحذف لا الإضمار. (نجم الدين).