مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المبتدأ والخبر]

صفحة 179 - الجزء 1

[خبر لا التي لنفي الجنس]

  (خبر لا⁣(⁣١)) هو من جملة المرفوعات (التي لنفي الجنس) تخرج التي بمعنى ليس، والفرق بينهما، أن هذه تنصب الاسم وترفع الخبر، وتلك عكسها، وأن هذه لنفي الجنس كله، إذا قلت: «لا رجل في الدار» فقد نفيت جنس الرجال الواحد، والاثنين، والجماعة؛ لتأكيدها للنفي، وتلك لنفي ما دخلت عليه دون ما عداه نحو: «لا رجلٌ في الدار» فقد نفيت المفرد فقط، وأما الاثنان والجماعة فلا.

  (هو المسند) عمَّ كل مسند (بعد دخولها) خرج ما عداه⁣(⁣٢) (مثل: لا غلام رجل ظريف فيها⁣(⁣٣)) فالخبر ظريف، ورفع خبرها حملاً لها على «إنَّ» من حيث إنها نظيرة لها لأن هذه لتأكيد النفي وتلك لتأكيد الإثبات ونقيضة لها من حيث إن هذه للنفي وتلك للإثبات والنقيض يحمل على النقيض كما يحمل النظير على النظير⁣(⁣٤) (ويحذف) خبر لا قال الشيخ: حذفاً (كثيراً) جوازاً؛ حيث وجدت


(١) لا فرق بين لا رجلَ، ولا رجلٌ في إفادة الاستغراق، وإنما الفرق بينهما أن لا رجلَ نص في إفادة الاستغراق، ولا يحتمل التخصيص، وأما لا رجلٌ فيحتمل التخصيص بأن يقول: بل رجلان ذكر معناه الرضي قال: لأن النكرة في غير الموجب كالنفي والنهي والاستفهام تفيد العموم فلا فرق بينهما إلا بما ذكر، وإنما كان لا رجلَ نصاً في الاستغراق لتضمنه (من) الاستغراقية بخلاف لا رجلٌ وهو مثل قولك «ما جاءني من رجل» وما جاءني رجل في كون الأول نصاً في الاستغراق والثاني غير نص ذكر معناه الرضي.

(٢) أي: ما عدا خبرها.

(٣) قوله: فيها أي: في الدار خبر بعد خبر، لا ظرف ظريف ولا حال، لأن الظرافة لا تتقيد بالظرف ونحوه، وإنما أتي به لئلا يلزم الكذب بنفي ظرافة كل غلام رجل، وليكون مثالاً لنوعي خبرها الظرف وغيره. (جامي) اهـ (هامش ب).

(٤) والحاصل أن علة حمل «لا» على إن هو النفي؛ لأنه من حمل النقيض على النقيض إذ «إن» لتأكيد الإثبات و «لا» لتأكيد النفي فالتأكيد هو الجامع بينهما، والنقيضان هما النفي والإثبات، وحينئذ عرف أن «لا» عملت لأجل النفي، وأن النفي علة تامة للحمل فيها، وأما «ما» فهي محمولة على ليس من حمل النظير على النظير؛ إذ هي نظيرة ليس من وجهين الدخول على الاسمية كهي والثاني النفي، فالنفي في عمل «ما» جزء علة وهو علة منحصرة. هامش (ج).