مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المنصوبات]

صفحة 195 - الجزء 1

  قوله: (مثل: مررت بزيد فإذا له صوتٌ صوتَ حمار) هذا مثال ما جمع القيود فيحذف⁣(⁣١) فعله وجوباً كما ذكر (و) مررت به فإذا له (صراخٌ⁣(⁣٢) صراخَ الثكلى⁣(⁣٣)) وهي: المرأة الحزينة.

  (ومنها) أي: ومن المصادر الواجب⁣(⁣٤) حذف فعلها وجوباً قياساً (ما وقع) المصدر فيه (مضمون جملة) احتراز من قولك: «ضربت ضرباً» فإنه مضمون مفرد⁣(⁣٥) (لا محتمل لها) أي: لتلك الجملة (غيره) أي: غير معنى ذلك المصدر (نحو: «له علي ألف درهم اعترافاً») فمضمون الجملة - وهو له علي ألف درهم - هو الاعتراف بذلك القدر وقوله: اعترافاً تأكيد لنفس مضمون الجملة. (ويسمى) هذا المصدر (توكيداً لنفسه) أي: لنفس مضمون الجملة.

  (ومنها) أي: ومن المصادر المحذوف أفعالها وجوباً قياساً (ما وقع) المصدر (مضمون جملة) احترازاً من رجع القهقرى فإنه مضمون مفرد (لها) أي: للجملة (محتمل غيره) أي: غير ذلك المصدر، يعني: أن الجملة ذات محتملين


(١) وإنما وجب الحذف عند اجتماع القيود؛ لوجود قرينة المحذوف، ولسد شيء مسده، أما الأول: فالنصب المشعر بحذف الفعل لا سيما والعلاج دال على الحدث المقتضي لكون المصدر مفعولاً مطلقاً، وأما الثاني: فالجملة المتقدمة وقد عرفت الشرط في وجه سدها عن المحذوف.

(٢) وإنما مثل بمثالين؛ لأن الأول اسم مصدر، والثاني مصدر حقيقة، وقيل: إن المصدر الأول مضاف إلى النكرة والثاني إلى المعرفة. (غاية تحقيق) - وتقدير الفعل يصوت صوت حمار، ويصرخ صراخ الثكلى. (جامي). فحذف الفعل للاستغناء عنه بما في قولك: صوت من الدلالة عليه ووقع موقعه لفظاً فأغنى عنه لفظاً ومعنى. (هطيل).

(٣) الثكلى: التي مات ولدها وليس معها غيره.

(٤) وإنما وجب حذف الفعل الناصب للمؤكد لنفسه ولغيره؛ لكون الجملتين كالنائبتين عن الناصب من حيث الدلالة عليه وقائمتين مقامه أي: الفعل فلا يجوز تقدم المصدرين على الجملتين؛ لكونهما كالعامل الضعيف، ولا يمتنع التوسط نحو «زيد حقاً قائم». (رضي).

(٥) وفي (ب) بلفظ: يحترز من وقوعه مضمون مفرد نحو: «ضربت ضرباً» وقال في حاشية على ذلك: فإن ضرباً مضمون مفرد وهو الفعل وحده دون فاعله. (رضي بالمعنى).