مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المنصوبات]

صفحة 286 - الجزء 1

  بحرف⁣(⁣١) الجر (في الأصح) من القولين، وهو مذهب سيبويه وأكثر البصريين، فلا تقول «مررت راكباً بزيد»؛ إذ لا يتقدم المجرور على الجار، فكذا ما في حَيِّزِهِ، وأما قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}⁣[سبأ: ٢٨]، فكافة حال من الكاف في أرسلناك، والهاء للمبالغة⁣(⁣٢) أي: ما أرسلناك إلا كافاً⁣(⁣٣) للناس وليس بحال من قوله: للناس، وقال ابن كيسان، وأبو علي، وابن برهان: إنه يتقدم هنا للآية ولقول الشاعر:

  ١٠٩ - إذا المرء أَعْيَتْه السيادة ناشِئاً ... فمطلبها كَهْلاً عليه شَدِيْد(⁣٤)


(١) ولعل الفرق بين حرف الجر والإضافة، أن حرف الجر مُعَدٍّ للفعل كالهمزة والتضعيف فكأنه من تمام الفعل وبعض حروفه فإذا قلت: «ذهب إليه بهند راكبة»، فكأنك قلت: أذهبت راكبة هنداً وكأنه حال من المنصوب. (نجم الدين).

(٢) فيه نظر؛ لأن الهاء إنما تزاد في ثلاثة أوجه ١ - نسابة ٢ - وفروقَة ٣ - ومهذارة، وعند صاحب الكشاف إن كافة صفة لمصدر محذوف أي: أرسلناك إرسالة كافة للناس، وفيه أن الكافة لا تستعمل إلا حالاً. (سيد شريف).

(٣) أي: مانعاً من الشرك والكبائر. (غاية).

(٤) هذا البيت من الطويل وهو للمخبل السعدي. ويروى مكان (شديد) عسير.

اللغة: «أعيته» العِيُّ ضد البيان، وعَيِيَ إذا لم يهتد لوجهة وأعياه أمره.

الإعراب: (إذا) ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط (المرءُ) فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده تقديره: إذا عيي المرء أعيته، وبالنصب مفعول به لفعل محذوف تقديره: إذا أعيت المرء أعيته (أعيته) أعيا فعل ماض والتاء تاء التأنيث والهاء ضمير الغائب مفعول به والجملة من الفعل المحذوف وفاعله في محل جر بإضافة إذا إليها (السيادة) فاعل أعيته والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله لا محل لها من الإعراب مفسرة (ناشئاً) حال من المرء منصوب بالفتحة الظاهرة (فمطلبها) الفاء واقعة في جواب الشرط ومطلب مبتدأ مرفوع بالضمة ومطلب مضاف و (هاء) الغائبة مضاف إليه (كهلاً) حال من الضمير في عليه تقدم عليه منصوب بالفتحة (عليه) جار ومجرور متعلق بشديد الآتي (شديد) خبر مرفوع بالضمة الظاهرة، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب جواب الشرط غير جازم.

الشاهد فيه: قوله: «كهلاً» حيث تقدم الحال على صاحبه وهو الضمير المجرور في «عليه».