مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[التمييز]

صفحة 299 - الجزء 1

[التمييز]

  (التمييز⁣(⁣١)) له شبه بالمفاعيل من حيث إنه فضلة بعد تمام الجملة⁣(⁣٢)، وشرطه أَنْ يكون نكرة⁣(⁣٣)، وجامداً، وفارساً في: «لله دره فارساً» مؤول بالجامد، أي: لله دره رجلاً فارساً.

  وحقيقته: (ما يرفع الإبهام المستقر) لتخرج الصفة في قولك: «أبصرت عيناً جارية» فإنها وإن ميزت العين [بالصفة] عن المبصرة وعن عين الذَّهب ونحوه الذي كانت تحتمله العين فصارت مبهمة لأجله فإن ذلك الإبهام ليس بمستقر من أصل وضع اللغة؛ إذ واضع العين لم يضعها إلا لمعنى واحد من هذه المعاني، وإنما وقع الاشتراك من بعد بخلاف عشرين فإنها موضوعة لكل عددٍ فإذا ميزت بنحو: «درهماً» ارتفع ذلك الإبهام المستقر من أصل وضع اللغة.

  وقوله: (عن ذات) يحترز من الحال فإنه يرفع الإبهام عن هيئة⁣(⁣٤) الذات،


(١) ولما فرغ من ذكر الحال شرع في التمييز، وقدمه على المستثنى لكونه منصوباً بغير واسطة فقال.

(٢) وهذا معنى كونه فضله هنا، لا أنه يصح الاستغناء عنه كما تقدم مثل هذا في الحال في بعض الصور كما في قوله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}⁣[الإسراء: ٣٧]، (تعليق).

(٣) لأن المقصود رفع الإبهام، وذلك يحصل بالنكرة التي هي الأصل فلو عرِّف وقع التعريف ضائعاً، وأجاز الكوفيون كونه معرفة نحو «سفه نفسه»، و «بطرت معيشتها»، و «الحسن الوجه». (هطيل). وهو عند البصريين منصوب على التشبيه بالمفعولية، والله أعلم.

(٤) لكن الصفة في نحو «جاءني رجل طويل أو ظريف» تدخل فيه، لأن رجلاً ذات مبهمة بالوضع صالحة لكل فرد من أفراد الرجال فبذكر أحد أوصافه يتميز عما يخالفه كما يتميز بطويل وقصير، فطويل إذاً رفع الإبهام المستقر أي: الثابت وضعاً على ما فسره المصنف من الذات المذكورة، وكذا يدخل فيه عطف البيان في نحو «جاءني العالم زيد»، وكذا البدل من الضمير الغائب في نحو «مررت به زيد»؛ لأنه يرفع الإبهام عن المقصود بالضمير كما في «نعم رجلاً زيد»، ويدخل فيه أيضاً المضاف في نحو «خاتم فضة» كما يدخل فيه إذا انتصب؛ لأن معنى النصب والجر فيه سواء، وكذا يدخل في المجرور في مائة رجل وثلاثة رجال. (نجم الدين).