[المنصوبات]
  منه لا يقدر إلا عاماً من جنس المستثنى، وذلك لا يستقيم(١) إلا في النفي (مثل: «ما ضربني إلا زيد») وما رأيت إلا زيداً، وما مررت إلا بزيد ففرغ عامل الرفع والنصب والجر اللواتي قبل إلا لما بعدها وإن كان المستثنى منه مقدراً في التحقيق(٢)، فعدم الموجب حينئذ شرط (إلا أن يستقيم المعنى) في الموجب وذلك قليل، فإنه يكون مفرغاً في الإثبات (مثل: «قرأت إلا يوم كذا») وصمت إلا يوم الجمعة؛ لأن ذلك في معنى النفي(٣) (ومن ثم) أي: ومن أجل أنه لا يجوز الاستثناء المفرغ في الموجب (لم يجز ما زال زيدٌ إلا عالماً) لأن «ما» للنفي و «زال» للنفي وإذا دخل النفي على النفي صار للإثبات إذْ معناه: ثبت زيدٌ إلا عالماً، فيصير استثناء مفرغاً في الموجب من غير استقامة المعنى وذلك غير جائز.
  (وإذا تعذر البدل على اللفظ أبدل على الموضع مثل: «ما جاءني من أحد إلا زيد، ولا أحد فيها إلا زيد، وما زيد شيئاً إلا شيء لا يعبأ(٤) به») فالرفع فيما بعد إلا في الأمثلة الثلاثة المذكورة بالإبدال على محل أحد في المثالين الأولين إذ هو فاعل في الأول ومبتدأ في الثاني [في الأصل]، وعلى محل شيء في المثال
(١) أي: غير الموجب إذ الموجب لا يفيد فائدة صحيحة. فإنه لو كان الكلام موجباً لم يفد، ألا ترى أنك لو قلت: «ضربني إلا زيد» لكان المعنى: ضربني كل أحد إلا زيد، وهذا غير مستقيم لأنه لا يصح أن يضربه كل أحد. (رضي).
(٢) لفظ (الخبيصي) وسمي باسمه، وإن كان المستثنى منه مقدراً في التحقيق لجواز ما قام إلا هند، وامتناع ما قام هند. (منه). لأن هنداً في الصورة الثانية فاعل في التحقيق فيكون ممتنعاً بدون تأنيث الفعل، وهند في الصورة الأولى ليست فاعلاً في التحقيق. (تعليق).
(٣) كأنه قال: ما تركت القراءة إلا يوم كذا وفيه نظر إذ تعليله جار في الكل. (شريف). يعني: كل موجب يمكن تأويله بنفي نقيضه. فالأولى ما ذكره في الأسرار، وذلك لما كانت أيام الأسبوع محصورة، فلو قلت في غيره: «جاءني إلا زيد» لأدى إلى المحال، وهو أن يكون الناس أجمعون إلا زيد جاءوا، فلما استقام المعنى جاز ذلك في المثبت. (أسرار).
(٤) قيل: إنما وصفه لئلا يلزم استثناء الشيء من نفسه. (جامي).