[المنصوبات]
  وأما قول الشاعر:
  ١٤٦ - تَبْكِي على زيدٍ ولا زيدَ مثله ... بَريء من الحُمَّى سَلِيم الجوانحِ(١)
  فزيد هنا نكرة؛ لأنه لم يُرَد زيد بعينه، وإنما قصد واحداً من المسمَّيين(٢) بهذا الاسم (و) فيما تكررت فيه لا مع النفي (في مثل لا حول ولا قوة إلا بالله) و {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ}[البقرة: ٢٥٤]، و {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة: ١٩٧] (خمسة أوجه) خلا أنه يوقف في القرآن على ما سمع من تلك الوجوه، الأول: (فتحهما) على أنها لا التي لنفي الجنس ولا قوة معطوف على لا حول عطف مفرد على مفرد، وخبرهما محذوف مُتَعَلَّق بفتح اللام بقوله بالله أي: كائنان أو موجودان(٣) إلا بالله، أو عطف جملة على جملة أي: لا حول إلا بالله
(١) ورد هذا البيت بلا نسبة، وهو من بحر الطويل، ويروى لجرير مثله بلفظ مقارب من أبيات يعاتب فيها جارية اشتراها من أهل اليمامة يقال له زيد.
اللغة: «الجوانح» الأضلاع التي بجنب الترائب مما يلي الصدر كالضلوع مما يلي الظهر، الواحدة جانحة.
الإعراب: (تبكي) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هي (على زيد) جار ومجرور متعلق بتبكي (ولا) الواو واو الحال ولا نافية للجنس (زيدَ) اسمها مبني على الفتح في محل نصب (مثله) مثل خبر لا مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف وضمير الغائب مضاف إليه، والجملة من لا واسمها وخبرها في محل نصب حال (بريء) خبر مبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع بالضمة الظاهرة (من الحمى) جار ومجرور متعلق ببري (سليم) خبر مبتدأ محذوف مرفوع بالضمة الظاهرة وسليم مضاف و (الجوانح) مضاف إليه.
الشاهد فيه: دخول لا التبرئة على زيد حيث نصبه لأنه مؤول بنكرة بجعله اسم جنس واقعاً على مسماه وعلى كل من أشبهه حيث لم يرد زيداً بعينه والمراد: أنه لا واحد من مسميات هذا الاسم مثله، وذكر في همع الهوامع تأويلاً آخر على تقدير «مثل» وقد نظره بعضهم، والله أعلم.
(٢) لتعذر تقدير مثل هنا لفساد المعنى: لو قيل لا مثل زيد مثله فأولوه بوجه آخر.
(٣) فهو استثناء مفرغ أي: بأحد إلا بالله فالجار لغو وإن جعل بالله خبراً كان ظرفاً مستقراً أي: لا حول ولا قوة كائنان إلا بالله.