مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[العطف]

صفحة 395 - الجزء 1

  فصل) بين الضمير والاسم الظاهر المعطوف (فيجوز تركه) أي: ترك التأكيد وذلك لطول الكلام، وسواء كان الفصل قبل واو العطف (مثل: ضربت اليوم وزيد) أو بعدها كقوله تعالى: {مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا}⁣[الأنعام: ١٤٨]، ففصل في المثال بالظرف قبل الواو، وفي الآية بلا بعده، وهذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون مطلقاً محتجين بقول الشاعر:

  ١٨١ - قُلْتُ إذ أقبلت وزُهْرٌ تهادى ... كنعاج الْمَلَا تَعَسَّفْنَ رَمْلَا(⁣١)

  والجواب أنه قد وقع الفصل بتاء التأنيث، ويجوز التأكيد بمنفصل مع الفصل أيضاً كقوله تعالى: {مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا}⁣[النحل: ٣٥]، ونحو ذلك.

  (وإذا عطف على المضمر⁣(⁣٢) المجرور أعيد الخافض) سواء كان اسماً نحو: «غلامك وغلام زيد»، أو حرف جر (مثل: مررت بك وبزيد) وذلك لأن


(١) البيت لعمرو بن أبي ربيعة، وهو من الخفيف، ويورى «الفلا» بدل «الملا».

اللغة: «الزهر» بضم الزاي وسكون الهاء جمع زهراء وهي البيضاء المشرقة «تهادى» أصله: تتهادى فحذفت إحدى التاءين تخفيفاً - تتمايل وتتبختر «كنعاج» النعاج بقر الوحش شبه النساء بها في سكون المشي فيه. «الملا» بفتح الميم الصحراء، «تعسفن» ملن عن الطريق.

الإعراب: (قلت) فعل وفاعل (إذ) ظرف متعلق بقال (أقبلت) أقبل فعل ماض والتاء للتأنيث وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هي (وزهر) معطوف على الضمير المستتر في أقبلت (تهادى) فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هي، والجملة في محل نصب حال من فاعل أقبلت (كنعاج) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال ثانيه من فاعل أقبلت ونعاج مضاف و (المَلا) مضاف إليه (تعسفن) تعسف فعل ماض ونون النسوة فاعل والجملة في محل نصب حال من نعاج (رملاً) منصوب على نزع الخافض.

الشاهد فيه: قوله: (إذا أقبلت وزهرٌ) حيث عطف قوله زهر على الضمير المستتر في أقبلت من غير فصل، وذلك للضرورة الشعرية والقياس أن يقال: أقبلت هي وزهر لتأكيد الضمير.

(٢) قال في حاشية على الأصل: الضمير. صح. قلت: وهو الموافق لما في بعض المتون.