مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[التوابع]

صفحة 396 - الجزء 1

  المجرور لا يكون إلا متصلا، وقد صار كالجزء مما اتصل به ولا منفصل له فيؤكد به كما مر فاشترط إعادة الجار لئلا يعطف اسماً برأسه على ما هو كالجزء من الكلمة، وهذا عند البصرين، وأجازه الكوفيون مطلقاً محتجين بقراءة حمزة {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ}، والأكثر على نصب الأرحام، وبقول الشاعر:

  ١٨٢ - اليوم قَرَّبْتَ تَهجونا وتَشْتِمُنا ... فَاذْهَبْ فما بك والأيامِ مِنْ عَجَبِ(⁣١)

  قلنا: البيت شاذ وقراءة حمزة مستضعفة هنا أو الواو الذي فيها للقسم، وأما الضمير المنصوب فيجوز العطف عليه مطلقاً نحو: «إنك وزيداً قائمان، وزيداً ضربته وعمراً»؛ لأن المنصوب كالكلمة المستقلة إذ لم يشتد اتصاله بالفعل


(١) هذا البيت من شواهد سيبويه التي لم يعزها أحدٌ لقائل معين، وهو من بحر البسيط.

اللغة: «قربت» أخذت وشرعت.

المعنى: يقول: اليوم شرعت في هجائنا وهذا الأمر ليس بعجب لأن الهجاء من طبعك كما لا يعجب الناس مما يفعل الدهر.

الإعراب: (فاليوم) اليوم منصوب على الظرفية الزمانية متعلق بقربت (قربت) قرب فعل ماض ناقص دال على الشروع والتاء اسمه (تهجونا) تهجو فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت ونا مفعول والجملة في محل نصب خبر قربت (وتشتمنا) الواو عاطفة، وتشتم فعل معطوف على تهجو، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت، وضمير المتكلمين مفعول به (فاذهب) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر أي: إن تفعل ذلك فاذهب ... إلخ، واذهب فعل أمر مبني على السكون وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت (فما) الفاء للتعليل وما نافية (بك) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم (والأيام) معطوف على الكاف المجرور محلا بالباء (من) زائدة (عجب) مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

الشاهد فيه: قوله: (فما بك والأيام) حيث عطف الأيام على الضمير المجرور في بك بغير إعادة حرف الجر، وهذا عند البصريين ضرورة أما الكوفيون فيجيزون ذلك.