[التوابع]
  فامرئ الأول مجرور بإضافة كل إليه، والثاني منصوب بتحسبين، ونارٌ الأولى معطوف على امرئ الأول، ونار الأخرى منصوب بالعطف على امراءٍ الثاني، ووجه جواز هذا أنه إذا كان على هذه الكيفية أنه قد ورد، وبه احتج الفراء، ولأن المعطوف المجرور يلي حرف العطف القائم مقام الجار فلم يحصل فرق بين المجرور وبين ما يقوم مقام الجار، وبهذا الوجه يبطل إطلاق الفراء إذ لم يرد إلا على ما ذكرنا، ويصح التفصيل الذي ذكرنا، وللخبيصي تفصيل غير هذا لكن هذا عندي أصح منه وقوله: (خلافاً لسيبويه)، فلا يجيز ذلك مطلقاً، بل يتأول جميع ما ورد(١) كذلك وهذا هو الإطلاق الثاني.
=
الإعراب: (أكل) الهمزة للاستفهام الإنكاري و (كل) مفعول أول لتحسبين مقدم عليه وكل مضاف و (امرئ) مضاف إليه (تحسبين) فعل وفاعل (امرءاً) مفعول ثان (ونار) الواو عاطفة والمعطوف محذوف، والتقدير: وكل نار فنار مضاف إليه في الأصل وذلك المعطوف المحذوف - وهو المضاف - هو المعطوف على كل امرئ المتقدم (توقد) أصله تتوقد فحذف إحدى التاءين، وهو فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هي يعود إلى نار والجملة صفة لنارٍ (بالليل) جار ومجرور متعلق بتوقد (ناراً) معطوف على قوله: «امرأً» المنصوب السابق.
الشاهد فيه: قوله: (ونارٍ) حيث حذف المضاف كل وأبقى المضاف إليه مجروراً كما كان قبل الحذف وذلك لأن المضاف المحذوف معطوف على مماثل له وهو قوله: كل امرئ. (هامش الإشموني).
(١) قال في الغاية: حمل الأمثلة على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على إعرابه، وأكل نار توقد بالليل ناراً ولا كل بيضاء شحمة أي: على نحو: «ما جاء في بعض القراءات يريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة» أي: عرض الآخرة ثم إبقاء المضاف إليه على إعرابه، وإن كان شاذاً لكن حذف المضاف في مثل هذا الموضع أي: فيما كان لفظ المضاف المحذوف مذكوراً سابقاً مضافاً إلى شيء آخر قياسي. (منها).