مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[المبنيات]

صفحة 10 - الجزء 2

  المتقدم تقديراً، (أو) تقدم ذكر الذي يعود إليه ضمير الغائب (معنى) وذلك حيث يتقدم على الضمير لفظ يدل عليه نحو: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}⁣[المائدة: ٨]، أي: العدل هو أقرب للتقوى؛ إذ يفهم المصدر من الفعل وهو اعدلوا، أو يكون سياق الكلام مستلزماً لمفسر الضمير بحيث يؤخذ من سياق الكلام نحو: قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً⁣(⁣١)}⁣[النساء: ١١]، وقوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} أي: الوارثات، وقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ} فإنه يرجع إلى الموروث الذي دل عليه ذكر الميراث، (أو) تقدم ذكر الذي يعود إليه ضمير الغائب (حكماً) كما في ضمير الشأن نحو: قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}⁣[الإخلاص] أي: قل الشأن العظيم هو الله أحد، وكالضمير الذي في نعم وبئس ورب نحو: «نعم رجلاً زيدٌ» و «بئست امرأة هندٌ⁣(⁣٢)» و «رُبَّهُ رَجُلَاً»، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى. (وهو⁣(⁣٣)) أي: المضمر ينقسم إلى قسمين: (متصل) بغيره مستكناً أو بارزاً (ومنفصل) عن غيره (فالمنفصل المستَقِلُّ بنفسه) نحو: «أنا وأنت وهو» فلا يحتاج إلى كلمة أخرى قبله يكون كالتتمة لها، فالمستترة كلها متصلة وبعض البارزة (والمتصل غير المستقل)⁣(⁣٤) فيتصل بعامله ويكون كالتتمة له نحو:


(١) هذا فيمن قرأ بالنصب، وأما من قرأ بالرفع فواحدة فاعله، وكان تامة، ولا خبر.

(٢) على جعل المخصوص خبراً لمبتدأ محذوف.

(٣) اعلم أن أول ما يبتدأ بوضعه من الأنواع الستة ضمير المرفوع المتصل؛ لأن المرفوع مقدم على غيره، والمتصل مقدم على المنفصل؛ لأنه أخص، فنقول: إنما ضموا التاء في المتكلم لمناسبة الضمة لحركة الفاعل، وخصوا المتكلم بها؛ لأن القياس وضع المتكلم، ثم المخاطب، ثم الغائب، وفتحوا المخاطب فرقاً بين المتكلم وبينه وتخفيفاً، وكسروا المخاطبة فرقاً، ولم يعكسوا الأمر بكسرها للمخاطب وفتحها للمخاطبة؛ لأن رعاية المصلحتين في المذكر المقدم على المؤنث أولى. (نجم الدين).

(٤) في بعض نسخ المتن المطبوعة زيادة: بنفسه.