[المبنيات]
  (وكيف(١) للحال استفهاماً) يقال: «كيف زيدٌ» أي: على أي حال هو، وبنيت لتضمنها الاستفهام، وفتحت الفاء كما مر في أين. (ومنها) أي ومن الظروف المبنية (مذ ومنذ) وبنيا لشبههما بأختيهما الحرفيتين، أو لكون وضع مذ وضع الحروف، وحملت منذ عليها، أو لشبههما بـ «من» مِن حيث هي لابتداء المكان، وهما لابتداء الزمان، ويستعملان لأحد معنيين (بمعنى أول المدة، فيليهما المفرد(٢) المعرفة(٣)) نحو: «ما رأيته مذ يوم الجمعة، ومنذ يوم الجمعة»، وإنما اشترط المفرد المعرفة لأجل تتبين وتتعين الأولية المقصودة؛ إذ معناه أول انتفاء الرؤية يوم الجمعة، (و) يستعملان (بمعنى) [نفي] (الجميع) أي: بمعنى [نفي] جميع المدة، (فيليهما) [جميع المدة] (المقصود) تنبيهاً (بالعدد) نحو: «ما رأيته مذ يومانِ، ومنذ يومان»، أي: جميع المدة التي انتفت فيها الرؤية يومان، وهذا قول(٤) الأكثر.
  وقال سيبويه: لا يليها إلا الجملة الفعلية نحو: قول الشاعر:
  ما زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يداه إزاره ... فَسَما فأَدرك خَمسةَ الأشبار(٥)
  وقول الآخر:
(١) قال نجم الدين: إنما عدوا كيف في الظروف لأنه بمعنى على أي حال، والجار والمجرور عندهم كالظرف، فهو متعلق عندهم باسم فاعل، أي: كائن كيف. (منه).
(٢) حقيقة كالمثال، أو حكماً نحو: «ما رأيته منذ يوم لقيتني فيه»؛ لحصول التعيين المقصود من كونه معرفة. (جامي).
(٣) حقيقة كالمثال، أو حكماً نحو: «ما رأيته مذ اليومان اللذان صاحبنا فيهما». (جامي).
(٤) أي: وقوع المفرد المعرفة، والمقصود بالعدد. (شريف).
(٥) البيت للفرزدق، تقدم برقم (١٥٥).
الشاهد فيه: قوله: (مذ عقدت) حيث دخلت مذ على جملة فعلية كما هو أغلب أحوالها مع أنه ينبغي أن يكون الفعل ماضياً.