[المبنيات]
  سافر، ومذ زمان أن سافر، ومنذ زمان أن سافر، وذلك لابتناء فهم المعنى(١) على ذكر الزمان، فحذف للعلم به، (وهو) أي: مذ ومنذ (مبتدأ(٢)) إذ هو(٣) بمعنى أول المدة أو جميعها كما مر، والمراد الإخبار عنهما لا بهما، (وما بعده) أي: ما بعد مذ أو منذ (خبره خلافاً للزجاج) فعنده أنهما خبران، وما بعدهما المبتدأ كسائر(٤) الظروف.
  (ومنها) أي: ومن الظروف المبنية (لدى ولَدُنْ) بفتح اللام مع ضم الدال وسكون النون (وقد جاء لَدَن ولَدِن) بفتح اللام مع فتح الدال، أو كسره، وسكون النون، (ولَدْن) بفتح اللام أو ضمها وسكون الدال وكسر النون، (ولَدْ) بفتح اللام أو ضمه وسكون الدال، وحذف النون (ولَدُ) بفتح اللام وضم الدال، وحذف النون وبنيت هذه كلها لأن وضع شيء منها وضع الحروف، وهي بمعنى عند إلا أن عند يتناول ملكك حضرك، أو غاب عنك، وما حضرك مما لا تملكه تقول: «عندي مائة درهم»، قال الله تعالى: {فَلَمَّا رَآهُ(٥)
(١) وذلك لأن مذ: إما بمعنى أول المدة، أو بمعنى جميع المدة، فتكون زمان، وما بعده: إما مصدر، أو في تأويل المصدر، ولا يصح الإخبار بالمصدر؛ لأن الزمان ذات والمصدر حدث، وقد امتنع الإخبار عن الذات بالحدث، فيجب أن يكون الزمان مقدراً ليكون الإخبار عن الزمان بالزمان، فثبت أنه يجب تقدير الزمان؛ لأن المعنى عليه. (سعيدي).
(٢) وهما معرفتان؛ لكونهما في تأويل الإضافة؛ لأنهما بمعنى أول المدة أو جميع المدة.
(٣) هذا تعليل لصحة الابتداء؛ لأنها تتمحض بعد الإضافة إلى الفعل ونحو الزمانية. (إيضاح).
(٤) قال المصنف: وهو وَهْمٌ؛ لأن اللفظ والمعنى يمنعان منه، أما المعنى فلأنك تخبر عن أول المدة وعن جميع المدة التي انتفت، وأما اللفظ فلأن يومان نكرة لا يصح الابتداء بها. فإن قيل: فإنه إذا كان الخبر ظرفاً والمبتدأ نكرة صح الابتداء بها نحو: «في الدار رجل»، فكذلك هذا. فالجواب: أن ذلك إنما يصح إذا كان ظرفاً للمبتدأ فليس مذ ظرف لما بعده؛ لأنه ظرف وما بعده ظرف. (رصاص). لأن من شرط الخبر إذا كان ظرفاً أن يكون محكوماً عليه، وذلك ليس كذلك.
(٥) الضمير راجع إلى عرش بلقيس، وجيء به إلى سليمان وكان العرش عنده، ولم يكن ملكاً له، =