مصباح الراغب شرح كافية ابن الحاجب،

محمد بن عز الدين المؤيدي (المتوفى: 973 هـ)

[الفعل]

صفحة 242 - الجزء 2

  (وإن كان الثاني) هو المضارع والأول ماضٍ (فالوجهان) جائزان في المضارع جزمه لقبوله ذلك وهو الأولى كقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ}⁣[هود: ١٥]، ورفعه لبعده⁣(⁣١) عن العامل، وإجراء له مجرى متبوعه، ومنه قول الشاعر زهير:

  ٣٢٨ - وإن أتاه خليل يوم مسغبة ... يقول لا غائب مالي ولا حَرِم(⁣٢)

  وهذا⁣(⁣٣) إذا لم تدخل الفاء في الجزاء، فإن دخلت لم يعمل فيه الشرط أبداً.


(١) وضعف التعليق بحيلولة الماضي والفصل بغير المعمول. (جامي).

(٢) هذا البيت من بحر البسيط وهو لزهير بن أبي سلمى المزني.

اللغة: (خليل) أي: فقير محتاج مأخوذ من الخلة بفتح الخاء وهي الفقر والحاجة (مسغبة) الجوع ويروى (يوم مسألة) (حرم) بزنة كتف أي: ممنوع.

المعنى: أن هذا الممدوح كريم سخي يبذل ماله فلو جاءه فقير محتاج يطلب عطاءه لم يعتذر إليه بغياب ماله ولم يمنعه إجابة سؤاله.

الإعراب: (إن) حرف شرط جازم يجزم فعلين (أتاه) أتى فعل ماض مبني على الفتح المقدر في محل جزم فعل الشرط والهاء ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به مقدم (خليل) فاعل مرفوع بالضمة (يوم) ظرف زمان متعلق بقوله أتاه ويوم مضاف و (مسغبة) مضاف إليه (يقول) فعل مضارع جواب الشرط وهو موطن الشاهد كما ستعرفه عند ذكرنا له وفاعله ضمير مستتر جوازاً (لا غائب) لا نافية عاملة عمل ليس وغائب اسم لا مرفوع بها (مالي) فاعل لغائب سَدَّ مسد خبر لا ومال مضاف وياء المتكلم مضاف إليه (ولا) الواو عاطفة ولا زائدة لتأكيد النفي (حرم) معطوف على غائب وفيه وجه آخر وهو أن يكون خبر لمبتدأ محذوف تقديره ولا أنت حرم فيكون من عطف الجمل.

الشاهد فيه: قوله: (يقول) فإنه فعل مضارع وقع بعد أداة شرط وفعل شرط ماضٍ وقد جاء هذا المضارع مرفوعاً وذلك على إضمار الفاء عند الكوفيين والمبرد أي: إن أتاه فيقول على أنَّ المضارع هو نفس الجواب فأما سيبويه فيرى أن هذا المضارع ليس هو جواب الشرط ولكنه دليل على الجواب على نية التقديم وإن كان متأخراً في اللفظ فكأنه قال: يقول إن أتاه خليل يوم مسألة لا غائب ... إلخ فيكون جواب الشرط على ما ذهب إليه محذوفاً والمذكور إنما هو دليله.

(٣) أي: وجوب الجزم في الجزاء إذا كانا مضارعين معاً أو جوازه إذا كان الثاني مضارعاً والأول ماضٍ.