[الفعل]
  أي: كون الأول سبباً للثاني، فإن لم تقصد السببية كان إما للاستئناف نحو: «قم يدعوك» [أي: فهو يدعوك]، أو للصفة(١) نحو: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥ يَرِثُنِي}[مريم]، أي: وارثاً، أو للحال كقوله تعالى: {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ٩١}[الأنعام]، أي: لاعبين، وكذلك: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ٦}[المدثر]، أي: مستكثراً، فيجب الرفع فيما ذكر ولا يجزم؛ لعدم السببية، ومثال الأمر قول الشيخ: (مثل أسلم تدخل الجنة) أي: إن تسلم تدخل الجنة، فجزمت الضمة من اللام وكسرت اللام لالتقاء الساكنين؛ إذ الهمزة للوصل، (و) مثال النهي قوله: (ولا تكفر تدخل الجنة) تقديره: إن لا تكفر تدخل الجنة، فجزم «تدخل» بإنْ وكسرت اللام كما مر. (وامتنع: لا تكفر تدخل النار)؛ لفساد المعنى؛ إذ الواجب تقدير «إن» قبل الفعل المظهر فيصير تقديره: «إن لا تكفر تدخل النار» وذلك فاسدٌ؛ لتأديته إلى كون عدم الكفر سبب دخول النار. وإن لم يقصد السببية رفع «تدخل» في المسائل كلها على أنه كلام مستأنف، فعندنا: أن هذه المسألة ممتنعة (خلافاً للكسائي(٢)) فقال: تصح المسألة؛ اعتماداً منه على وضوح
(١) قال السكاكي: لا يصح فيه الوصفية؛ لأن يحيى # مات قبل زكريا # فلو كان يرثني صفة لكانت دعوته غير مستجابة والمعلوم استجابتها لقوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى}، فيكون للاستئناف. (نجم ثاقب).
(٢) لأن التقدير عنده «إن تكفر تدخل النار». ويجوز على هذا أيضاً «أسلم تدخل النار» قال: وكل هذا عند قيام القرينة على إضمار المثبت بعد النفي والعكس. قال نجم الدين الرضي ما لفظه: وما ذهب إليه الكسائي ليس ببعيد لو ساعده نقل والدليل عند الكسائي المعنى لا اللفظ، وهذا وجه حسن إذا كان المعنى مفهوماً. مغني اللبيب. أي: إن لا تسلم تدخل النار ويحتج بما سمع عن العرب نحو: «لا تسألوه يجبكم بما تكرهون»، وقوله ÷ لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعكم رقاب بعض، وقول طلحة: لا تشرف يصبك سهم، وأجيب بشذوذ ما سمع، وأما لحديث فالاستدلال به ضعيف؛ لأنه يروى بالمعنى. (ثاقب).