الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الرابع: القياس]

صفحة 162 - الجزء 1

  فيها برأيي». وقول علي # في أم الولد: (كنت أرى أن لا تُباع ثم رأيت بيعها). فصرح بأن ذلك عن رأي⁣(⁣١)، لا عن نص.

  وأيضًا: فإنهم اختلفوا في إرث الجد مع الأخوة⁣(⁣٢)، وفي الحرام للزوجة⁣(⁣٣)، وفي انعقاد الإيلاء، هل مؤبد أو يصح بأربعة أشهر أو بدونها على أقوال بنوها على القياس، لا على النص. وغير ذلك كثير⁣(⁣٤) مما يفيد التواتر المعنوي على وجوب العمل به، كما هو مقرر في بسائط هذا الفن، على أن فيما ذكرناه كفاية. والله أعلم.

  (وَلاَ يَجْرِي القِيَاسُ فِيْ جَمِيعِ الأَحْكَامِ)⁣(⁣٥) الشرعية أي: لا يصح القياس


(١) والرأي إذا أطلق فهم منه القياس والاجتهاد. قسطاس.

(٢) قال صاحب القسطاس ما لفظه: فعند أمير المؤمنين - كرم الله وجهه - أنه يقاسمهم ما لم تنقصه المقاسمة عن السدس؛ لأن له ولادة، لكن بواسطة فأشبه الجدة. وعند ابن مسعود وزيد بن ثابت أنه يقاسمهم ما لم تنقصه المقاسمة عن الثلث، قياسا على الأم بجامع أن له ولادة فله الثلث كما أن لها الثلث.

(٣) أي قول القائل: هي على حرام.

(*) فشبَّهه علي # وزيد وابن عمر بالتحريم العام في الزوجة؛ فجعلوه كالتثليث بالطلاق، ولا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره. وشبهه أبو بكر وعمر وابن مسعود وعائشة باليمين التي يمنع الرجل بها نفسه من المباح؛ فأوجبوا فيه كفارة يمين إذا حنث. وشبهه ابن عباس بالظهار؛ لكونه تحريما لا يمكن تلافيه من جهة الزوج فأشبه الظهار. ومنهم من جعله طلاقا رجعيًّا. ومنهم من قال: ينوي فيه. ومنهم من قال: لا ينوي فيه. وروي عن مسروق أنه قال: لا شيء فيه. منهاج. قوله: «ولا تحل له من بعد ..» الخ لأن التثليث غاية استمرار الاستمتاع بين الزوجين، ولفظ التحريم يفيد غاية ما يقع من ذلك، وقريب من ذلك قول من قال: بأنه تطليقة بائنة. ومن جعله تطليقة رجعية قال: بالطلاق يحصل تحريم الاستمتاع فكان كالطلاق. قسطاس.

(٤) قيل: إن عمر شك في قتل الجماعة بالواحد، فقال علي - كرم الله وجهه -: (أرأيت لو اشترك نفر في سرقة أكنت تقطعهم؟ فقال: نعم، فقال: فكذا هنا، فرجع إلى قول علي - كرم الله وجهه -، وحكم بالقتل. وعن ابن مسعود في حديث الأشجعية بروع بنت واشق التي عقد بها من دون تسمية ثم مات بعلها بعد الدخول، فإنه لما سئل عن شأنها تردد شهرًا ثم قال: أقول فيها برأيي، وقضى لها بمثل مهر نسائها. قسطاس. قوله: «بروع بنت واشق»: عند أهل اللغة بفتح الباء وعند أهل الحديث بكسرها، والصحيح الأول؛ لأنه لم يرد في كلام العرب فعول بكسر الفاء إلا نادرًا، قال صاحب الصحاح: لم يجئ على هذا الوزن إلا حرفان وهما: خِروع وعِنوق.

(٥) في الغاية وشرحها: لا يجري في كل فرد من أفراد الأحكام الشرعية عند أكثر الناس، خلافا لشذوذ، فإنهم جوزوا جريه في كل فرد، والحق خلافه؛ إذ فيها ما لا يعقل معناه. مع بعض تصرف.