[الاعتراض الرابع والعشرون]
[الاعتراض الرابع والعشرون]
  الاعتراض الرابع والعشرون: القلب، وهو أن يدعي المعترض أن الوصف الذي علل به المستدل حكم الفرع يقتضي حكما مخالفا للحكم الذي أثبته به المستدل فيه. وهو ثلاثة أقسام(١)؛ لأنه:
  - إما أن يكون بتصحيح مذهب المعترض، فيلزم منه بطلان مذهب المستدل؛ لتنافيهما.
  - أو بإبطاله لمذهب المستدل ابتداء، أي: من غير نظر إلى إثبات مذهب المعترض؛ وذلك: إما صريحاً، أو بالالتزام.
  القسم الأول: وهو القلب لتصحيح مذهب المعترض مثاله: أن يقول الحنفي في الاستدلال على وجوب الصوم في الاعتكاف بالقياس على الوقوف(٢) بعرفة: لبثٌ في مكان مخصوص فلا يكون قربة بنفسه، كالوقوف بعرفة.
  فيقول الشافعي: فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة. فصحح الشافعي مذهبه بعلة الحنفي، ولزم بطلان مذهب الحنفي؛ لتنافيهما.
  القسم الثاني: وهو القلب لإبطال مذهب الخصم صريحا. مثاله: أن يقول الحنفي
(١) قال الأصفهاني في شرحه على مختصر المنتهى: وللقلب أقسام أخر غير ما ذكر، منها: قلب الدعوى مع إضمار الدليل، كما يقال: «كل موجود مرئي»، فيقول القالِب المعترض: «كل ما ليس في جهة لايكون مرئيًّا». والوجود المذكور في الأول دليل الرؤية عند القائل الأول، وكونه ليس في جهة في الثاني دليل امتناع الرؤية عند القائل الثاني، وكل واحد من الدليلين مضمر في الدعوى. ومنها: قلب الدعوى مع إضمار الدليل، مثل: «شكر المنعم واجب لذاته»، فيقول القالب: «شكر المنعم ليس بواجب لذاته». ومنها: قلب الاستبعاد في الدعوى، كقول الشافعي في مسألة الإلحاق: تحكيم الولد فيه تحكم بلا دليل، فيقول المعترض القالب: تحكيم القائف فيه - أيضًا - تحكم بلا دليل. ومنها: قلب الدليل على وجه يكون ما ذكره المستدل يدل عليه ولا يدل له؛ مثل قول المستدل: الخال وارث مَن لا وارث له. فيقلب المعترض ويقول: إنه يدل على أن الخال لا يرث بطريق أبلغ؛ فإن قوله: «من لا وارث له» سلب عام، فكيف يكون الخال وارثًا؟ وذلك كقول القائل: الجوع زاد من لا زاد له، والصبر حيلة من لا حيلة له. والتعريف المذكور للقلب لا يتناول هذا الأقسام.
(٢) فإنه ليس بقربة بنفسه، بل بانضمام الإحرام بالحج إليه.