[الاعتراض الأول]
  هذا ونحن نذكرها في شرحنا هذا على سبيل الاختصار؛ إذ هي لا تخلو عن نفع في المقصود، فنقول - وبالله التوفيق -: جملة الاعتراضات المتداولة في ألسنة الأصوليين - على ما ذكره ابن الحاجب - خمسة وعشرون(١) اعتراضا:
[الاعتراض الأول]
  الأول: الاستفسار(٢): وهو طلب بيان معنى اللفظ وتفسيره؛ لإجمالٍ فيه أو غرابة، فلا يسمع إلا إذا كان في لفظ المستدل ذلك(٣). وبيان وجودهما في اللفظ(٤) على المعترض؛ إذ الأصل عدمه(٥).
  مثاله: أن يقول المستدل على قتل الْمُكرَه على القتل، بالقياس على الْمُكرِه: مختارٌ فيُقتص منه كالْمُكرِه.
  فيقول المعترض: ما تعني بالمختار؟ فإن فيه إجمالا؛ من حيث إنه يقال للفاعل القادر(٦) والفاعل الراغب؛ هذا في دعوى الإجمال.
  وأما في دعوى الغرابة؛ فمثاله: أن يقول في الاستدلال على أن الكلب غير المعلم لا يؤكل من صيده، بالقياس على السِّيْدِ: إِيَّلٌ لم يُرَضْ فلا تحلُّ فريسته كالسِّيد(٧).
  فيقول المعترض: ما معنى الإِيَّلُ؟ وما معنى: لم يرض؟ وما الفريسة؟ وما السِّيد؟
(١) وجعلها شارح الغاية سبعة أنواع تشتمل على ثلاثة وعشرين صنفًا: بعضها عام الورود على كل مقدمة، كالاستفسار والتقسيم، وبعضها على كل قياس، كمنع وجود العلة أو عليتها والمعارضة في الفرع، وبعضها خاص ببعض.
(٢) وقدَّمه لأن فهم الكلام أول كل شيء، وهو واحد ليس إلا، وأنت تعلم أنه يرد على تقرير المدعِي وعلى جميع المقدمات وعلى جميع الأدلة، فلا سؤال أعم منه. قسطاس.
(٣) وإلا فهو تعنتٌ مفوِّتٌ لفائدة المناظرة؛ إذ يأتي في كل لفظ يفسر به لفظ، ويتسلسل، ولذلك قال القاضي: ما يمكن فيه الاستفهام حسن فيه الاستفهام. عضد.
(٤) أي: في لفظ المستدل.
(٥) لأنَّ وضعَ اللفظ للبيان غالبا.
(٦) وإن لم يكن راغبًا لأجل الإكراه.
(٧) إِيَّل بكسر الهمزة وتشديد الياء مفتوحة: ذكره في ديوان الأدب، قال فيه: وضم الهمزة لغة فيه، وفي الصحاح والديوان: الإيل: الذكر من الأوعال. «لم يرَض»: لم يسبق الفريسة المقتولة. السيد: الذئب. من الصحاح.